وإنما الشعر لبُّ المرء يعرضه
على المجالس إن كَيْسًا وإن حُمُقا
وإن أحسن بيت أنت قائله
بيتٌ يقال إذا أنشدتَه صَدَقا

بهذه الأبيات يخالف شاعرنا الكبير حسان بن ثابت رضي الله عنه قولاً مشهوراً في عالم الشعر وهو "أعذب الشعر أكذبه"، هذه المقولة التي لا علم لي بقائلها إلاّ أنها تعدّ من الأقوال الأكثر تداولاً بين الشعراء، فهل الكذب يزيد الشعر عذوبة حقاً، أم أن الشاعر الصادق هو من يملك القدرة على الوصول إلى قلوب القرّاء وألبابهم ؟

البيت الثاني من الأبيات السابقة لحسان بن ثابت له وجود أيضًا في شعر طرفة بن العبد الذي يتفق مع القول الذي يرى الصدق كمحسن للكلام .

وفي مسألة الصدق والكذب، يوجد لدينا مذهبان، كل منهما يميل إلى أحد العنصرين واعتباره سرّ جودة الشعر وعذوبته، وهنا أعتقد أن منافسة موازية تقوم بالتزامن مع منافسة الصدق والكذب، وهي المنافسة بين الخيال والحقيقة، بين ذكاء اختلاق التصاوير وصدق التجربة الشعورية، فأي منهما له التفوق في الوصول إلى القارئ وشده ؟

المبالغات المبالغ بها والتراكيب الغريبة والغوص في مغارات الخيال، كل تلك قد تؤدي بالشاعر للوقوع في حفرة الكذب، والتي تلاقي من البعض استحساناً وإعجاباً، بينما يتصف الشاعر الصادق بأنه ذاك الذي ينقل بصدق تجربته الشعورية وعاطفته دون تشويه أو مساس، وهو الذي ينقل آلامه فيلامس آلامنا، يصف مشاعره فيدغدغ مشاعرنا .

بالنسبة لي أميل إلى رأي حسان بن ثابت وطرفة بن العبد، إلى غلبة الصدق على الكذب، إضافة إلى كون الكذب صفة مذمومة من الأساس وهي كانت أحد أسباب نفور البعض من الشعراء.

ماذا عنكم يا أصدقاء، مع أي الفريقين أنتم ؟ هل تتفقون مع مقولة "أعذب الشعر أكذبه" ؟