أحببت أن أسمي مساهمتي باسم استلهمته من وحي عبارة قرأتها منذ أيام والتصقت في ذهني بقوة، وهي مقتطعة من رسالة لابن عربي بعنوان "ما لا يعول عليه في الحب" يذكر فيها :

"كل حب يُعرف سببه فيكون من الأسباب التي تنقطع لا يُعوَّل عليه." 

لتقحمني هذه العبارة في عمق إعصار فلسفي فكري عميق على هيئة سؤال يقول : "لماذا نحب ؟" .. ألم تسال نفسك هذا السؤال يوماً؟ ، أعتقد وبقوة أننا قد تساءلنا يوماً عن أسباب الحب أو سبب حبنا لشخص ما أو شيء ما على الأقل .. فهل وجدنا الإجابة؟

وفي ذلك يقول ابن حزم الأندلسي في بضع أبيات أضعها بين يديكم :

ودادي لك الباقي على حسب كونه    تناهى فلم ينقص بشيءٍ ولم يزد

وليست له غير الإرادة علة           ولا سبب حاشاه يعلمه أحد

إذا ما وجدنا الشيء علة نفسه        فذاك وجود ليس يفنى على الأبد

وإما وجدناه لشيء خلافه           فإعدامه في عدمنا ما له وجد

قد يقول قائل وهو محق في تساؤله : "أتزعمين يا تقوى أننا نحب بلا سبب؟"، سأقول لك قد نحب فتتوافد علينا الأسباب، وقد نحب ولا نجد سبباً نعلل به حبنا وهذا صريح المحبة، ولكن قد نحب لأسباب نحصيها فهنا يكون المعيار بالسبب نفسه.. هل هو سبب زائل يزول الحب معه؟ إذاً هو ليس حباً بالمعنى الصريح.

أعطيك مثالاً من واقعنا لعلك تقتنع، لنسأل شاباً في مقتبل العمر، هائم بفتاة رآها في مكان ما، لماذا تحبها؟ فيجيب بكل إندفاع بأنها جميلة ! وهل جمال الصورة سبب كافٍ لنغلفه بالحب؟ بالطبع لا والدليل أنك إذا سألته عن ما إذا كان سيستمر في حبها إذا زال جمالها وتبدل حالها سيتلعثم ويعجز عن الإجابة .. إذاً هو حب لا يعول عليه .. أقنعتك ؟

يقول أحدهم أن التوافق أحد أسباب الحب .. فماذا تقول في إثنان مختلفان أشد الإختلاف ولا يجمعهما شيء سوى تلك المشاعر المشتعلة بداخلهما؟ 

يذكر ابن حزم الاندلسي أيضاً أن انعدام العلة له وجود في البغضة، فقد يبغض إثنان بعضهما بلا علة مفهومة وقد يشعر الواحد منهما أنه يستثقل الآخر دون سبب واضح .. فهل مررت بهذا الشعور يوماً ؟

في الختام يا أصدقاء وقبل أن أودعكم أريد أن أقرأ آراءكم حول الموضوع .. هل تتفقون مع المقولة بأن الحب الذي تعرف أسبابه لا يعول عليه ؟