أصدقائـي في الحجرِ المنزليّ

لن ولم يأتِ بمثل هذه الأيام على الإطلاق لا بأحداثهِا لا بوفياتهِا ولا بتدهورِها الاقتصاديّ أو السياسيّ ولا حتى الانتخابيّ

لقد صِيّرتنا إلى مائدةٍ للتعبِ حتى يقتاتَ علينا أليس كذلك؟

حُرمنا من حياةٍ روتينيةٍ استمرت منذُ سنينٍ سحيقةٍ،وبُدّلت حياتنا إلى حلقاتٍ لا مُتناهية من الذعرِ والإرتياعِ،وصارت غالبية جُملنا مُبتدأة بمثيلِ تلك الكلمات

(مُخالِط مُصاب،سلبي،إيجابي)

إنّها كلمات لأوّلِ مرةٍ نستعملها و بهذه الكثرة!

ضُجرنا

بُئْسنا

‎تُخمنا

وأصبح كل واحدًا فينا عبارة عن مصحّةٍ نفسيّةٍ لوحدهِ

تأجّلت أفراحنا

و رُميت أجثاثنا

و تقلّصت جمعاتنا

و تنكْصت حياتنا الدراسية وصارت دروسنا المصوّرة عبارة عن مهزلةٍ ومادة للضحكِ على المواقع الإلكترونيةِ!

وبالحبِّ!

تكتّفت الحروف وغدت قاصية

كما الأجساد كما الضلوع القاسية

لا نستطيعُ اللّمسَ

ولا نستطيعُ الإقترابَ

أصدقائي،

و كلُّ من يقرأْ،

إن هذه السنة إن لم تودّد قلوبكم على بعضها بعضًا فاوجزوا النصوص ولا تطيلوا البقاء.

هذه السنة إن لم تُعيد حساباتك مع خالقِك

فاقصدْ طريقه من جديدٍ وعدْ إليه تأمن من غُمّةِ الأجواء.

هذه السنة إن لم تكتسب بها ما كنت تجهل وماكنت بهِ ناقصًا

فابدأ اليوم وتعلّم

فن الحياة

فن التأمل

فن الصبر

فجلوسك بالبيت لأيامٍ طِوالٍ دون خروج قد يعوّدك على الصبرِ،وعلى استشعارِ النعمِ من حولك ويشعرك بالآخرين الذين لا يمتلكون كل ما لديك من طعامٍ وشرابٍ و منافذ للتسلية ومع هذا هم راضون بما قسم الله لهم.

هذه السنة إذا لم تعتذر للأشخاص الذين آذيتهم وتطاولتَ عليهم بالجروحِ والندوبِ

..فقد لا تُكتب لك السنة القادمة إذًا بادر بالأسفِ فأنت أهلًا له والله عفوٌّ عمّا سلفْ

هذه السنة إذا قلتَ أن الفايروس "مُؤامرة"

فسأقول لكَ أن المؤامرة قد تتناولكَ أنت أيضًا وماذا بهذا أنت صانعًا؟ فالتزمْ تتقي شرّ البلايا

هذه السنة إذا فاتك كل شيء،بسبب الڤايروس

فعلى الأقل لم تفُتك هذه اللّحظة التي بها تتنفس وقل الحمدلله، قُلها دائمًا يبدّل الله لك الحال من حالٍ لأحسِن حال .

R.A.T

11.November.2020

Quarantine#