لا أعلم لماذا كل ما أريده في هذه الدنيا لا يكون منذ الصغر كل شيء حلمت بتحقيقه لم أستطع كل شيء تمنيته لم يحققه الله لي حتى أصابني البؤس و اليأس من الحياة
هل الله يكرهني؟ هل يعاقبني على أمر ما؟
بعيداً عن الأجوبة الدينية التي قد تصل لحضرتك الأن التي ستحثّك فعلاً على الطاعة لأجل أن ينعكس هذا المفهوم عند حضرتك وتعتقدي أنّ الله يُحبّك تمام الاعتقاد، بعيداً عن كُل هذا أريد أن أطرح سؤالاً عاماً أعتقد بأنّهُ إذا استطعنا حلّه وتجاوزه سينعكس هذا الأمر بشكل كبيرة على المشاعر التي تعيشينها والمشاعر التي يعيشها أيضاً وبالملايين من أقراننا، ما هو السؤال؟ هل يمكن أن يكون للإله المكوّن للعالَم والكون والذي بكل هذه العظمة التي أبني تصوّراً عنها فقط بناءً على المرئي من هذا الكون الوسيع أن يكون له مشاعر بشرية تُشابه فعلاً تكوين مشاعري التي أعيش بها هذا العالم؟ أي باختصار هل الله يكره كما أكره ويُحب كما أحب؟ بالطبع لا، فالمشاعر البشرية لها نصيب من اسمها: بشريّة وتخص البشر فقط.
ما الذي ينفعك بالتفكير بهذه الطريقة؟ البُعد عن الأفكار المُعطّلة الوهمية الغير قابلة للقياس في حُكمك على العالم، لإنّك مثلاً وإذا قلت أن الله يكرهني ولذلك رسبت بالامتحان ما الذي يمكنك القيام به للنجاح بالامتحان الثاني بشكل أكيد؟ لا شيء. ولكن إذا حاولت أن تُشخّصي هذا الفشل وأي فشل بناءً على كون بثّه الله وبثّ فيه قوانين للفشل والنجاح ستُدركي فعلاً بأنّ المُشكلة تعود إليكِ وكل ما يعود إليكِ يمكن حلّه.
أنصح حضرتك بالاهتمام بحياتك الروتينية والحكم عليها بشكل موضوعي بناءً على معطيات قابلة للقياس وأن تبتعدي على اي أمور غير قابلة للاثبات والتحقق.
انت تكره نفسك و تتعبها نفسيا و تحملها ما لا تطيق عبثا دون فائدة، انت مستغرب الان كيف ذلك،صحيح؟
دعني أسألك كم سؤال ولتجيب انت على نفسك ولا تبرر إجابتك و فكر فيها
ما هي أحلامك التي لم تتحقق؟
من أين اكتسبتها ولماذا تريد تحقيقها؟
ماذا لو تحققت أحلامك الان ماذا ستفعل بعد؟
هل ستبحث عن احلام جديدة و تغرق في نفس الدائرة حتى تموت؟ او ماذا
ما هي هذه الحياة التي يأست منها؟ هل هي وعدتك بشيء ولم تعطيك اياه؟ او ماذا
ماذا لو لدت في منتصف صحراء الربع الخالي او في مجاهيل ادغال أفريقيا ولم تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي ولا الانترنت ولم تشاهد او تقرأ عن حياة أناس اخرين مختلفين عنك ١٨٠درجة بلدا وظرفا و حالا و لم تعش في البلد او المدينة التي انت فيها الآن، هل كانت نظرتك عن الحياة هي نفسها؟
هل كنت لتفكر في حياة باذخة وسيارة فارهة ومنزل جميل و منصب مرموق؟
لماذا افترضت ان الله يكرهك؟ ويريد عقابك؟
لماذا ليس المجتمع و العالم الذي يكرهك ويريد تسميمك بأفكار و معتقدات عن النجاح و الحياة ما انزل الله بها من سلطان.
حقيقتاً الإنسان في هذه الحياة ليس مطالب بأن ينجز او يفعل اي شيء، ف ان لم تدرس ولم تتزوج ولم تتوظف او تسافر او تفتح شركة أو حتى تكسب ملايين او تنجب أطفال او تملك بيت فليس عليك شيء ولن تتم محاسبتك على ذلك و لن تدخل جهنم حتى، هي كلها أشياء تشغل بها وقت في حياتك الدنيا وبعدها تموت
يقول الناظم :
ليست هذه الدنيا بشيءٍ فلا تحزن على ما فات منها اذا مانت في أخراك فزتا
فجميل أن تملك. أهدافا نبيلة تفيد بها شخصك والعالم لكن ليس على حساب نفسك، فلو كنت من بلدٍ منكوب او كنت فقيرا او جتمعت فيك الاثنتين ماذا عساك فاعل، هل تستطيع تغيير شئ وفق قدراتك الحالية اذا نعم فمضي سهل الله طريقك واذا لا انهي الأمر ولا تفكر فيه
ختاما انا اشعر بما تمر فيه واحس بمعانتك شيء صعب شعور و الرغبة بإحداث تغيير ولا تسطيع أمر مؤلم اتمنى ان تتخطى هذه المرحلة
لماذا لا نقول بأن الله يريد ابتلائك ؟ يريد أن يقيس مدى صبرك على تحمل الهموم والمشاكل مثلا أو أن يكفر عن سيئاتكِ.
فكرة عدم تحقيق احلامك لهذه اللحظة،فأنتِ ليست لوحدكِ ، قد يكون الكثير منا لديه أحلام وتخيل بأنه مستقبله سيكون جميل، حياته وردية تماما، ولكن للأسف لم تتحقق هذه الاحلام لسبب ما، قد يكون تقصيرا منه كونه لم يجتهد على نفسه أو لم يتخذ الية في تحقيق حلمه مثلا.
في الزلازل الأخير، كنت اقرأ لشاب سوري توفيت عائلته بأكملها ولم يتبقى سوى هو، تخيلي بهول هذه المصيبة التي وقعت عليه ولكنه يحمد ويشكر الله على ما أصابه. الأنبياء والرسل هم الاخرون ألم يقعوا في مصائب ولكنهم صبروا وشكروا الله. وغيره من القصص الأخرى سواء حدثت بفعل الزلازل أو الحروب التي تمتد على أسابيع وربما شهور في بعض الدول.
الله لا يكره العبد ابدًا. ولكن نحن أحيانًا بحاجة إلى ان نراجع أنفسنا، بحاجة إلى نحدد أهدافنا بعناية والعمل على تحقيقها. بحاجة إلى التوقف عن مقارنة أنفسنا بالأخرين، لان كل شخص له ظروف خاصة به مع عدم التوقف عن التطوير في نفسه و تغيير طريقة تفكيره ليرقى بنفسه ويعتز بذاته ويرضى عنها.
هل الله يكرهني؟ هل يعاقبني على أمر ما؟
لماذا لا نغير رسائلنا لأنفسنا ونقول أن الله يحبنا ويريدنا لنفسه، عندما يبتلينا الله لنعود إليه ونتوكل عليه، ندعوه ونتضرع إليه، في العديد من المرات ننسى أنفسنا ونتوكل على اشخاص آخرين في تحقيق ما نطمح إليه وما نريده، بدون وعي منا لا ندرك أننا نسينا الله في حياتنا ونطمع في البشر أو الأنظمة وغيرها، ونلقي اللوم على الله بأنه نسينا، أو أنه يكرهنا ولكن هي طريقة تفكيرنا.
الله لا يكره عباده سبحانه وهو الغني عنا، لكن يبتلينا لنقر بقربه.
لا أستطيع يا صديقتي أن أكون محلًا للتنظير، فالكثير يستطيع إقناعكِ بأنكِ السبب فعلًا بل وأن هناك شيئًا ما في حياتك هو سبب كل هذا.
ولا أستطيع أيضًا أن أقول أن الحياة جميلة وعيشيها بتفائل فهذا من باب الكذب والخداع، لكن جُل ما أستطيع قوله هو أن الله لا يكره أحد يعني لا يتعامل بذات المشاعر الآدمية التي نتعامل بها مع أنفسنا ومع غيرنا فهو سبحانه منزه عن أي تشبيه مماثل. وهل يعاقبك الله؟ لا أعلم أيضًا ما هي الأشياء السيئة التي تفعلينها مثلًا حتى تقتنعي أنه عقاب؟ يعني على ماذا يعاقب إن كُنتِ بريئة وطيبة؟
لكن كل ما في الأمر أن الدنيا لها أسبابها التي تسير على الكافر مثلها تسير على المؤمن، يعني لو كان هناك سارق يحاول أن يسرقكِ أنتِ وشخص من ديانة أخرى أو لا يؤمن بدينك، فهل سيختار السارق الآخر الذي يخالفك ويُبقيكِ أنتِ لأنك مؤمنة؟ بالطبع لا .
أما لو قلنا أن لديكِ سلاحًا تحمين به نفسك، فأنت بهذه الحالة ستحمين به نفسك وتنجين من السارق بغض النظر عن إيمانك. الآن وقوف السارق في طريقك قد يكون اختبارًا من الله لتحذري أكثر أو يكون عقابًا للآخر ! لا تستطعين التأكد بالضبط ما الذي يريده الله من تقدير ذلك عليكِ! فهذا في علم الغيب والغيب لا يقرأه بشر. إنما عليك أن تعلمي أن هذه السنن الكونية تسير على الجميع وبالتالي عليك التفريق بين الشر الناتج عن البشر والأرض وبين الشر الذي يخلو من بشر! لأني أرى أن غالب الشر في هذه الحياة إما من فعل بشري كسرقة ونصب وقتل أو إذاء! أو فعل طبيعي كالزلازل والبراكين والكوراث البيئية. فإن خففتِ عنكِ ارتباط الشر المباشر بالله سيتخفف شعورك بالسوء واليأس وستعملين على تغيير سواء بالهروب أو المواجهة من كل ما يشكل إزائك أو يقف عقبة في طريق أحلامك ( مع التأكيد على فكرة أن تكون أحلامًا واقعية يمكن تحقيقها وليست خيالًا نعيشه ونريده ونعيبه على الله).
هل الله يكرهني؟ هل يعاقبني على أمر ما؟
نحن لا نطيع الله حقّ الطّاعة ولا نستقيم لأمره كما أمر ومع ذلك نطلب منه أن يحقّق لنا كذا وكذا، فإن حقّقه لنا رضينا وإ، لم يكن كما أردنا تذمّرنا!! هذه الطريقة في التفكير خاطئة لأبعد حدّ، الله عزّ وجلّ تعالى إسمه خلقنا وجعل لنا عينين ولسانا وشفتين، ولو أردنا أن نعدّ نعم الله التي أنعمها علينا ما قدرنا ذلك، هو الرّزاق الخالق القادر الرحمان الرحيم، الوهاب العزيز، فكيف له أن يكره عبدا من عباده وهو الذي قال : "ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك" وقال: "ولا تقنطوا من رحمة الله إنه غفور رحيم" فالسؤال الأصح هنا هو هل عبدنا الله حقّ عبادته؟ هل قصّرنا أم فرّطنا في عبادته؟ الله لا يضيع أجر من أحسن عمله وأتقنه، لذلك فالدعاء يجب أن يرافقه أخذ بالأسباب وعمل وكدّ وجهد، ولا تنسى أنّ أمر المؤمن كلّه خير إن أصابه خير فشكر وحمِد ربّه فله بذلكأجر، وإن أصابه إبتلاء فصبر فله بذلك أجر، فلا تقنط ولا تجزع.
عزيزتي عليك بالتفكير بشكل مختلف، فربما ما رغبت به دوماً كان في حقيقته شراً وأذى لك في المستقبل أبعده عنك الله لحمايتك، ولا بأس بأن تراجعي أخطائك السابقة دون أن تلومي نفسك، بل حاولي التعلم من تلك الأخطاء لتتمكني من تطوير ذاتك، وتذكري بألا تكرريها مرة أخرى في المستقبل.
كما عليك تجنب البقاء وحيدة ومحاصرة بتلك الأفكار السلبية، وابدئي في ممارسة الأنشطة التي تحبينها أو دراسة بعد الدورات التدريبية لتطوير مهاراتك، واختلطي بالمجتمع لتتعلمي سير الدنيا والأمور، وتزداد دائرة معارفك، وتستمعي إلى خبرات حياتية وأفكار جديدة تفتح عينيك على مجالات مختلفة في الحياة.
التعليقات