صديقي اشترى سيارة جديدة، في أول أمره عندما كان يسير بها في الزحام كان يحذر حذرًا شديدًا خشية من الصدام أو منعًا من للاحتكاك، وكان يحرص حرصًا شديدًا على الصيانة الدورية لها.

في أحد الايام احتك بسيارة أخرى، فنزل من سيارته غاضبًا جدًا، وارتفع صوته، ولكنه تفاهم الأمر وركب سيارته ومشى.

بعد عدة أيام اصطدم بسيارة أخرى فتضررت سيارته أكثر، نزل من سيارته غاضبًا جدًا، ولكنه أيضًا تفاهم وركب ومشى.

ثم بعدها بأيام احتك بسيارة أخرى فلم ينزل، ولكنه غضب وسار في طريقه.

وبعدها بأيام حدث نفس الاحتكاك، ولكن هذه المرة لم يغضب ولم ينزل؛ وكأنه اعتاد على الاحتكاكات والصدمات.

هذا الاعتياد -على الصدمات وكثرة الاحتكاكات- جعله يهمل في السيارة فما عاد يهتم بها لا بشكلها ولا بصيانتها.

ففي إحدى الايام وهو في طريقه وعلى سرعة كبيرة مرّ من فوق مطب اصطناعي فارتطمت السيارة بشدة حتى سقطت منها أجزاء من أسفل منها، وتوقفت تمامًا.

فالاهمال بدأ باحتكاك بسيط، ثم أعتاد عليه حتى وصل إلى مرحلة اللا احتمال فانتهت السيارة، وكان يظن أن مادام السيارة تحتمل وتسير فلن يتغير شيء.

هكذا هي الآلام التي تمر بنا في الحياة، تؤثر فينا أول بأول، كل ألم يأتي بوجعه، لا يُغني ألم عن ألم، ولا يُغطي وجع على وجع.

كلها تُؤلم وتُوجع، وسيأتي يوم ولن تستطيع أن تتحمل أكثر من ذلك.

ليس معنى أنك تحملت ألم وألمين وثلاثة؛ أنك ستتحصن ضد الآلام، بل بالعكس سيكون تأثير الألم عليك كبير وشديد، كل ما في الأمر أنك ما عدت تظهر الشكوى، أصبح الألم داخلك؛ وهذا أصعب وأشد.

فكل ألم يمر بك سواء من فقد أو خزي أو غيره .. يؤلمك أكثر من الذي قبله؛ فهو ألم فوق ألم، ووجع فوق وجع.

إن عشت تفجع بالأحبة كلهم ..

وبقاء نفسك، لا أبا لا أفجع

الألم ليس له لياقة لتعتاد عليه بل يبقى الألم ألم، أنت فقط تعتاد على الوجع ووتعايش معه، ليس لأنك لا تتألم ولكن لأنك أعتدت.