مع التوسع المتسارع في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بدأت ألحظ موجة متزايدة من التحذيرات العلمية التي تتجاوز مخاوف الخصوصية أو الوظائف، لتصل إلى جوهر أكثر عمقًا: التدهور العقلي. في البداية، كنت أراها دفعة هائلة للإنتاجية. أدوات مثل ChatGPT وNotion AI وGrammarly ساعدتني على إعادة صياغة نصوص معقدة، وتوليد أفكار بسرعة، بل وحتى تبسيط المهام البحثية. بدا الأمر كما لو أنني اكتسبت مساعدًا معرفيًا يرفع عني بعض العبء. لكن شيئًا فشيئًا، بدأت ألاحظ نمطًا مختلفًا: اعتماد زائد، يليه تراجع في التركيز، ثم تشتت ذهني واضح. لم يكن الأمر مجرد ملاحظة شخصية فقط.

مؤخرًا، صادفت مقالاً نُشر في Psychology Today، أشار إلى مصطلح جديد بدأ يفرض نفسه في الأوساط العلمية"Digital Brain Rot" أو تعفن الدماغ الرقمي. المصطلح الذي اختارته جامعة أكسفورد ليكون "كلمة العام" لعام 2024 لا يُقصد به المبالغة، بل توصيف حالة متنامية من الانغماس العقلي في محتوى رقمي سريع وسطحي، يؤدي تدريجيًا إلى تآكل مهارات التركيز والتحليل والإبداع . المقلق في الأمر أن هذه الحالة لا ترتبط فقط بالشبكات الاجتماعية، بل تمتد إلى أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية. فبحسب المقال، هذه الأدوات، رغم أنها توفر علينا الكثير من الوقت والجهد، تُغري العقل البشري بالاستسلام لـ الجهد المعرفي الأدنى (Cognitive Offloading)، أي الاعتماد شبه التام على التقنيات لأداء المهام الفكرية.

وجدت نفسي أطرح السؤال بصوت داخلي: متى يصبح الذكاء الاصطناعي قوة للعقل، ومتى يسلبه وظيفته؟