مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، عاد دونالد ترامب إلى منصة "إكس" بعد إلغاء الحظر عنه، مما يتيح له استئناف استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى جمهوره، و رأيت أن حملته السابقة أثارت الكثير من الجدل بسبب اعتمادها على شركة "Cambridge Analytica"، التي جمعت وحللت بيانات ملايين الناخبين الأمريكيين، عبر استهداف شرائح معينة من الناخبين برسائل تلبي اهتماماتهم ومخاوفهم، استطاعت الحملة التأثير بشكل كبير على الرأي العام وتوجيهه نحو التصويت لصالح ترامب، مما يسلط الضوء على قوة تقنيات تحليل البيانات في الحملات الانتخابية، في الوقت نفسه وعلى الرغم من اقتراب الانتخابات في الجزائر، إلا أن المشهد الانتخابي هنا يبدو مختلفا تماما، فلا يوجد اعتماد كبير على تقنيات تحليل البيانات ولا الحملات الرقمية المستهدفة كما هو الحال في الولايات المتحدة، حيث أن الحملات الانتخابية في الجزائر ما زالت تعتمد بشكل كبير على الأساليب التقليدية دون الاستفادة من الإمكانيات الهائلة التي تقدمها البيانات الرقمية، وو بالتأكيد الإستفادة من هذه الأساليب يمكن أن تغير توجهات العديد من المنتخبين، فهل تأثرت توجهاتكم الانتخابية سابقا أو تغيرت آراؤكم حول الانتخابات القادمة في دول مختلفة بسبب الحملات الرقمية على الإنترنت؟
ما مدى تأثير الحملات الانتخابية عبر الإنترنت في تغيير توجهاتك أو آرائك في الانتخابات؟
سواء في أمريكا أو في أي مكان أخر هذه الحملات في الغالب تستهدف أصحاب التفكير البسيط والغير منشغلين أو مهتمين بصورة كبيرة بالسياسات العامة للدولة ولكنهم يبحثون على مصالحهم الشخصية والامتيازات التي يمكن أن يحصلوا عليها في اختيار هذا المرشح أو غيره، وعن نفسي لا أتأثر بهذه الحملات فحتى في أمريكا التصويت الشعبي يعد مرحلة وغير حاسمة بصورة كبيرة لأنه هنالك مرحلة مجلس الشيوخ الأكثر قدرة على تحديد مسار الانتخابات.
صحيح الحملات الانتخابية تؤدي دورا مهما في توجيه الرأي العام حتى لو كانت تستهدف فئة معينة من المجتمع، إلا أنها لا تعكس دائما الصورة الكاملة للعملية الديمقراطية، و على الرغم من أن البعض قد ينخدع بوعود المرشحين والامتيازات التي يتم الترويج لها، فإن الفهم العميق للسياسات والآليات الانتخابية يظل ضروريا لتقييم حقيقي للمرشح.
الانتخابات في الدول العربية صورية, لا يمكن مقارنتها بأمريكا أو أي بلد مشابه, بالنسبة لبلدي وأظن هذا يشمل كل البلدان العربية والافريقية, البرامج الانتخابية غير واضحة ولا تنفذ على أرض الواقع, والحملات الانتخابية شعاراتية ليس إلا, وتكون موجهة لفئة من أصحاب التعليم المنخفض لأنهم الفئة الأكثر انسياقا وانتخابا, الفئة المتعلمة أغلبها لا تنتخب لأنها فاقدة للثقة في النخبة السياسية, لا وجود لنقاش جاد ورؤية واضحة عن ما سيقدمه المرشح في ولايته الانتخابية وكيف سينفذ رؤيته والأرقام التي يطمح لتحقيقها, كلها شعارات وكلام ملقى على عواهنه, هذا دون الحديث عن الفساد والتدخل السلطوي لإنجاح هذا المترشح أو ذاك أو دفع الرشاوي والأموال للناخبين الفقراء أو إعطاء لهم وعود بتوظيف أبنائهم أو بشقق إن هم انتخبوا هذا أو ذاك.
فما الحاجة لهؤلاء المترشحين لصرف الأموال لجمع البيانات وتحليلها ماداموا قادرين على الفوز باستهداف الفقراء الأميين بالوعود الكاذبة وببعض الدريهمات المعدودة؟
أضف إليها الآراء الحيادية التي ترى أن أصواتهم لن تُحدث فارقًا سواء صوتوا أو لا، ولا يخفى أن نسبة المشاركة بصورة أساسية ليست كبيرة، بالإضافةإلى أن المنافسة بين المرشحين ليست قوية بل يمكن معرفة الفائز بمجرد إعلان أسماء المرشحين، فليس هناك حاجة لهم كما ذكرت ببذل تلك الجهود وإضاعة الأموال.
بينما في الولايات المتحدة وأوروبا تجد الوضع مختلف بالأحزاب المتنافسة بنفس القوة تقريبًا لذا البحث عن بدائل تقنية للدعاية أمر ضروري لترجيح كفة أحدهما.
في بلداننا يهيمن الفساد والتدخل السلطوي على المشهد الانتخابي، و الفوز الانتخابي يمكن تحقيقه بسهولة عن طريق استغلال الفقراء والأميين بوعود كاذبة ورشاوي بسيطة، لكن إذا استمر هذا النمط، فإنه يعمق من أزمة الثقة في العملية الانتخابية برمتها ويعزز من حالة الجمود السياسي، و من جهة أخرى لحد الآن لم أرى مترشح يحاول أن يستخدم التقنيات الحديثة في حملته الإنتخابية و التي يمكن أن تلعب دورا كبيرا في فوزه إلا أن هذا الأمر شبه منعدم لدينا.
التعليقات