لاحظت مؤخرا أن الشركات تسعى بشكل متزايد إلى إنشاء علاقة صداقة بيننا وبين الذكاء الاصطناعي،و هذا حسب رأيي لتعزيز القبول والثقة في هذه التكنولوجيا المتقدمة، حيث قبل يومين أعلنت إحدى الشركات الناشئة مؤخرا عن منتجها الجديد "Friend"، وهو جهاز محمول يعتمد على الذكاء الاصطناعي يمكن ارتداؤه على الرقبة أو تعليقه على الملابس، و يتفاعل هذا الجهاز مع المستخدمين عبر النصوص من خلال تطبيق على الهاتف، ليصبح بمثابة صديق يرافقهم في جميع لحظاتهم اليومية، و الهدف من مثل هذه الأجهزة هو جعل الذكاء الاصطناعي أكثر قربا من حياة الناس اليومية، مما يساعد في تسهيل الاعتماد عليه في مختلف المهام. و بالتأكيد، تأمل هذه الشركات في إزالة الحواجز النفسية التي قد تعيق تبني الذكاء الاصطناعي وجعل هذه التكنولوجيا جزءا لا يتجزأ من حياتنا، فهل ترى أنه يمكن للذكاء الإصطناعي أن يكون صديقك؟
لماذا تركز الشركات على خلق علاقة صداقة بيننا وبين الذكاء الاصطناعي؟
أنا برأيي هذا قمة الجهل، استغرب كيف لا نرى أنه يمكن أن تؤدي هذه العلاقات إلى الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي مما يقلل بالضرورة من التفاعلات الاجتماعية البشرية والذكاء العاطفي، نحن نتحوّل أو سنتحول إلى كائنات صامتة غير فاعلة، وهذا بدأنا نرى مؤشراته عببر زيادة الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية عند قسم كبير من الشبّان حالياً، وعدا ذلك إلى الآن أصلاً نتائج الذكاء الاصطناعي غير مشجّعة، تفاعلات سطحية وغير مرضية لأي مستخدم، هذا ما عدا الإضاءة المعتادة التي مللنا ونحن نثيرها كموضوع أساسي وضروري، مسألة خصوصية البيانات، طالما هناك انتهاك خصوصية يعني لا يجب أن نفكر حتى بالتقارب من هذه الأدوات فكيف مصادقتها والالتصاق بها!
أنا أرفض مثل هذا التطور ولا استبشر خيراً بتحفيز هذه التجربة الاجتماعية؛ لأنها لو نشطت فسوف تدمر معظم الروابط الاجتماعية، وانظر حولك ستجد علاقتنا وروابطنا الاجتماعية هشة بفعل الضغوط والملهيات، فكيف سيصبح المشهد عندما يتخذ كلاً منا لنفسه صديق مبرمج؟!، أن هذا سيؤثر بالسلب على النفس البشرية ويزيد من حساسية وتعقيد التفاعل الاجتماعي، وسيجعلنا فريسة سهلة لأي شخص قادر على اختراق هذه البيانات التي تفاعلنا بها مع مثل هذه النماذج المبرمجة، الأمر سئ جداً يا صديقي.
الأمر حدث فعلا و بدأ الطلب المسبق على هذه الأداة، لكن أعتقد أنه يمكن أن تكون ذات فائدة أيضا، فهي لن تبعدك عن أصدقائك و إنما تبقى كرفيق لك في جميع لحظاتك كما تقوم بتحليل الحركات و الأماكن و ترسل لك رسائل تشجيعية على الهاتف و التي ربما لم تتلقاها من أصدقائك الحقيقيين.
مشكلة تلك الأدوات أيضًا أنه تتم برمجتها وتغذيتها بناء على وجهات نظر صانعيها، لذا فإن تفاعلاتها لابد وأنا ممنهجة تخدم نظريات وأجندات من يدفع أكثر وبالطبع ليس هو المستخدم، لا يمكنني أن أتخيل ان اعطي ابني جهازًا كهذا وأخبره انه موثوق به، ويمكنه مصاحبته والتحدث معه والاخذ برأيه، بينما يكون الجهاز، يعلمه أشياء غير ذات صلة بديننا ولا عاداتنا ولا آدابنا الإجتماعية، إنها كارثة!
تركز الشركات على خلق علاقة صداقة بيننا وبين الذكاء الاصطناعي لأن زيادة استخدامنا وتفاعلنا معه يؤدي إلى جمع المزيد من البيانات حول تفضيلاتنا وسلوكياتنا، وتُستخدم هذه البيانات لتحسين وتطوير قدرات الذكاء الاصطناعي، فعلى سبيل المثال تسمح شركة Meta باستخدام بيانات المستخدمين من منشوراتهم وصورهم لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي لديها، وأعتقد أن هذا الأمر خطير جداً، عندما تأملت في الموضوع، تساءلت هل يمكن في المستقبل أن يستخدموا تلك المعلومات لخلق نسخة مني تعيش في مدينة أخرى وأنا لا أعلم؟ وكيف سيكون الأمر حينها؟
و أعتقد هذا الأمر لم يكن صدفة و إنما عبر تحليل للبيانات الحالية حيث أن هناك إرتفاع رهيب في إستخدام الذكاء الإصطناعي في كل المجالات و بالتالي أصبح كسوق تجاري للعديد من الشركات، و أغلبها أصبحت لا تهتم لبيانات المستخدمين حتى جوجل نفسها تعاقدت مع موقع reddit من أجل إستخدام بيانات المستخدمين على هذا الموقع في تطوير نماذجها دون أخذ الإذن منهم.
فهل ترى أنه يمكن للذكاء الإصطناعي أن يكون صديقك؟
نعم يا شهاب، الذكاء الاصطناعي هو صديقي.
فأنا عندما أستخدم سيري أو أليكسا أو ميدجيرني أو حتى شات جيبيتي فإنني أعامله كصديق لي وربما يفيدني أكثر من صديقي.
والصداقة ليست كشكلها الاجتماعي التقليدي وإنما قد تكون مساعدة أو قضاء بعض الوقت سويا.
وليس هناك أي مانع من استخدام الذكاء الصناعي كصديق طالما هو صديق مفيد وليس ضار، فاستخدامه مثلا بشكل متطور كمحلل نفسي أو سلوكي هو شيء يفيد من يستخدمه وقس على ذلك.
سيحب الإنسان أن يصادق التطبيق الذي سيرى انعكاسه الذاتي فيه، فيجيبه التطبيق بما يود أن يسمع، ويعرض عليه الآراء التي لا تتعارض مع قناعاته.
وبدلًا من المجتمعات المغلقة على نفسها، سيصبح الأفراد ذاتهم كلٌ منغلق على نفسه، بما بالتأكيد لن يدع مجالًا لتوسيع الآفاق والتطور.
الأمر هنا ليس لتعتمد عليه و إنما يعتبر مرافق مثل الصديق و تشتري القلادة مرة واحدة فقط، و الفكرة تعتبر تفضيلات شخصية فيوجد من يحب ان يسجل جميع لحظاته و لكن ينسى و بالتالي سيقوم هذا الصديق الإفتراضي بالأمر بدل عنه.
لماذا تحصر الذكاء الاصطناعي بإحضار المعلومات فقط؟
الذكاء الاصطناعي مجال ضخم، وتطبيقاته كثيرة جدا، وأهمها في المجال الطبي ومعالجة الأمراض هناك أيضا جراحة روبوتية انتشرت مؤخرا ويمكن الاستفادة منها في الجراحات الدقيقة، وفي مجالات مثل التسويق والإدارة، تطبيقاته توفر الوقت والجهد، ولا يعني الاعتماد عليه أننا كبشر لن نفعل شيء، على العكس الشخص محدود القدرات لن يتمكن من الاستفادة منه
بالطبع، هو لا يستطيع التفكير بنفس طريقتك، فهو يفكر ويجيب بذكاء , أما بخصوص سؤالي، فإن منصة حسوب مخصصة لطرح الأسئلة وتبادل الردود بناء على التجارب الشخصية.
و يبدو أنك تعاني من مشكلة في الثقة بالنفس وتحاول تشويه صورة الذكاء الاصطناعي لتثبت أنك أفضل. لكن الحقيقة أن الذكاء الاصطناعي يتفوق عليك بشكل واضح، ولن تستطيع تحقيق حتى 1% مما يحققه , يمكنك أن تخدع نفسك فقط في هذه الكلام و لكن لا يمكنك خداع الأخرين
على سبيل المثال، أصبحت محادثاتي مع ChatGPT أكثر من محادثاتي مع أصدقائي بسبب الفوائد العديدة التي يقدمها للمستخدمين. لا أرى مشكلة في أن تتطور علاقة صداقة بيننا وبين الذكاء الاصطناعي، فهو يجلب لنا الكثير من الفوائد، وتفوق فائدته في بعض الأحيان فوائد الأصدقاء. يقوم بمهام لا يستطيع الكثير من البشر القيام بها، وأنا لا أمانع في ذلك
التعليقات