تواجه صناعة الإعلانات الرقمية تحديات كبيرة بعد إعلان جوجل عن تغيير استراتيجيتها فيما يخص الكوكيز في متصفح كروم، حيث بعد محاولات دامت أربع سنوات لإلغاء الكوكيز واستبدالها بتقنيات تتبع أخرى، قررت جوجل ترك القرار للمستخدمين، حيث ستعرض لهم خيارا يسمح لهم بالموافقة أو الرفض على استخدام الكوكيز، و أعتقد أنه هذه التغييرات ستؤثر بشكل كبير على كمية البيانات التي يجمعها القطاع الإعلاني، حيث يتخوف المعلنون من أن يؤدي هذا التغيير إلى تقليل البيانات المتاحة لهم، مما قد يؤثر سلبا على فعالية الإعلانات الرقمية، و تعتمد صناعة الإعلانات الرقمية التي تقدر قيمتها بـ 600 مليار دولار، بشكل كبير على الكوكيز لتتبع سلوك المستخدمين عبر الإنترنت وتوجيه الإعلانات المناسبة لهم، لذا أرى أن قرار جوجل سيجعل مستقبل هذه الصناعة مرهونا بمدى قبول المستخدمين لهذه التقنية، و أعتقد أن التحدي الأكبر هو كيفية صياغة جوجل للرسالة التي ستعرضها للمستخدمين، حيث ستؤثر الطريقة والتوقيت بشكل كبير على نسبة الموافقة، لذا في رأيك كيف يمكن للمعلنين التأقلم مع هذه التغييرات، و ما هي الحلول البديلة في هذه الحالة؟
كيف ستؤثر تغييرات جوجل في الكوكيز على مستقبل صناعة الإعلانات الرقمية؟
يبدو أن جوجل قررت أن تختار كفة المستخدمين على المعلنين، معززة بذلك ثقتهم في الشركة ككل وخدماتها، ولكنه تحدي كبير أمام المعلنين حيث تعتبر الكوكيز واحدة من أهم مصادر البيانات التسويقية الضرورية في حملاتهم الدعائية، وباختفاء هذه الميزة ستبدأ العودة إلى خطوات التسويق التقليدي من البحث عن الجمهور المستهدف وتحديد أماكن تواجده ثم عرض الإعلانات ذات العلاقة له، وبالتالي ستكون الإعلانات موجهة بشكل أكبر ضمن سياق واحد مع المواقع والصفحات، مثلًا سيستهدف معلنوا المواد الغذائية مدونات الطبخ ومواقع توصيل الطعام في عرض إعلاناتها حتى تضمن وصولها إلى أكبر قدر من الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا مهتمين بمنتجاتها.
مثلًا سيستهدف معلنوا المواد الغذائية مدونات الطبخ ومواقع توصيل الطعام في عرض إعلاناتها
أعتقد أن هذا سيكون أفضل للمستخدم من ناحية مثالك، فلماذا يشاهد المهتم بالمواد الغذائية إعلانًا عنها وهو يتابع صفحة إخبارية، أو طالب مهتم بالألعاب يجد عنها إعلانًا وهو يبحث عن شيء يخص دراسته.
الإعلانات غير المرتبطة بالموضوع هي مصدر إلهاء وتشتيت في أحيان كثيرة بالذات حين يكون الإعلان مغريًا بحق.
على الرغم من أن هذه الإستراتيجية ناجحة إلا أن توفر معلومات دقيقة عن المستخدم وعرض الإعلانات التي تتناسب معه ومع اهتماماته وما يبحث عنه أيًّا كان موقع عرضها قد تكون فرصة التأثر فيها بالإعلان وتحوله إلى عملية شراء أكبر هنا، مثلًا قد أكون حاليًا أتصفح موقعًا إخباريًا ولكن المعلن يعلم أنني في الفترة الحالية أبحث عن حاسوب جديد وبالتالي سيقوم بعرض إعلانات الحواسيب على الصفحة وستكون فرصة أن أنقر عليها وأتصفحها أعلى بكثير، وهذه فائدة الكوكيز.
لا زلت أراها فائدة للمعلن عن المستخدم، فلو أنني أبحث عن حاسوب جديد فبالتأكيد أتصفح مواقع ذات علاقة، وهنا من المفترض أن يظهر لي إعلانه في أحدهما، لا أن يظهر لي وأنا في خضم موضوع آخر، أحاول متابعة خبر عاجل وأحداث متلاحقة.
ولكن يعتقد الخبراء أن الأفضل هنا هو اعتماد المسوقين على مجموعة من أساليب التسويق والإستهداف تشمل الخلط ما بين الإعلانات المبنية على الكوكيز والإعلانات المبنية على السياق وغيرها حتى يحققوا أكبر قدر من الوصول إلى الجمهور وتكون الإعلانات ذات فعالية، ولكن لا نعلم ربما تختلف الأمور في المستقبل ويتم التوجه كليًا إلى الإعلانات المبنية على السياق إذا ما ازدادت القيود على الكوكيز.
نعم هم الخبراء في تحقيق أعلى مكسب بكل تأكيد.
لكني كمستخدم أريد أن أقرر متى أتابع هذا الموضوع وما يتعلق به ومتى أتابع غيره، فلا تدفعني كمعلِن للقفز بين هذا وذاك.
بالنسبة لنا كمستخدمين علينا أن نحتفل بهذه القرارات فعلًا، فكما ذكرت فجوجل اختارت صفنا وفضلتنا على المعلنين، الأمر سيء فقط بالنسبة للمعلنين الذي سيضطرون لتغيير أساليبهم التسويقية حتى لا يخسروا فعالية إعلاناتهم السابقة.
أعاني من هذا الأمر في تطبيق الإنستقرام، فكم من مرة قطع عليّ تركيزي في منشور أو محادثة ما، إعلان جذّاب للغاية وكأنه لديه سجل بكل رغباتي وأمنياتي، فأنشغل به وأنسى ما كنت أقوم به بالفعل!
الأمر سيء فقط بالنسبة للمعلنين الذي سيضطرون لتغيير أساليبهم التسويقية حتى لا يخسروا فعالية إعلاناتهم السابقة.
لا أعتقد ان الأمر بهذا السوء، فهذا يعطي فرصة للجمهور أيضًا بالتعبير عما يرغبون في متابعته بالفعل وبناء على قبوله الكوكيز فهو يبدي استعداده لقبول تلك الإعلانات المخصصة لاحقًا، بينما إن رفضها فهذا قد يعطي انطباعًا بكونه غير مهتم ولو ظهرت أمامه بكل طريق، وهذه قد تحقق فائدة أخرى للمعلنين وهو مزيد من التخصيص، فكثيرًا ما نغادر الصفحات التي تجبرنا على قبول الكوكيز للمتابعة وهذا قد يُفقد الموقع أو الصفحة متابعين محتملين.
أعتقد أنه من جانب المستخدمين، تعتبر إزالة الكوكيز من البيانات الشخصية فرصة للتقليل من الإعلانات المزعجة غير ذات الصلة، مما يتيح لهم تجربة تصفح أكثر راحة وملاءمة، أما بالنسبة للمعلنين فإن التحدي يكمن في إيجاد بدائل فعالة لإستهداف الجمهور و أرى أنه من الصعب تجاهل فائدة الكوكيز في تقديم إعلانات مخصصة وفقا لاهتمامات المستخدمين، مما يزيد من احتمالية التفاعل معها.
التعليقات