اعتدتُ منذ طفولتي على البحث بمفردي عن أيّة معلومةٍ أحتاجها، وكان الموضوع بالنسبة لي مغامرةً ممتعةً تأخذني إلى فضاءٍ واسعٍ لا حدود له، وأتذكر جيدًا في المرحلة الثانوية ومع تلقينا للأدب الجاهلي والإسلامي كنت أحتاج لمراجع خارجيةٍ تسعفني في كتابة المواضيع الأدبية، فكنت أجد ضالتي في مكتبة والدي وربما أقضي ساعاتٍ في القراءة وإثراء خزينتي الأدبية قبل أن أباشر بكتابة الواجب المدرسي.

في دراستي الجامعية ومع دخولي لهندسة الحاسوب كانت المراجع شيئًا أساسيًا من دراستنا والبحث والاستكشاف أمرٌ بديهي، لكنّ ذلك البحث اقتصر إلى حدٍ ما على شبكة الإنترنت فأصبحت هي المرجع الأول الذي أستقي منه معلوماتي، ورغم لذّة البحث والتعرًف على كل جديد لكنها لا تضاهي متعة البحث بين الأوراق والكتب وهذا ما جعلني أشعر بأن فنّ البحث عن المعلومة فقد رونقه بعد السهولة والبساطة التي قدمها الإنترنت لنا.

وفي السنوات الأخيرة، وتحديدًا منذ مطلع العام الجاري 2023 ومع انتشار مواقع وأدوات الذكاء الاصطناعي بشكلٍ خيالي بات الحصول على المعلومة أمرًا بسيطا جدًا بل بات تأليف المواضيع وحلقات البحث والمشاريع أمرًا بغاية السهولة، وهو ما دفع كثيرًا نحو الاستغناء عن التأليف والابتكار وربما التفكير، ومع تلك التقنيات المتقدمة بدأت تتلاشى مهارات كتابية كثيرة كمهارة الإيجاز والاختزال ومهارة عصر الذهن وتحفيز الذاكرة ومهارة الاستدلال والاستنتاج ومهارة التحليل والتفكير النقدي وغيرها من المهارات التي كانت أساسيةً وضروريةً في أي نتاجٍ أدبيٍّ أو علميّ.

لذلك أنا ضد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في أداء أي مهمةٍ وأميل إلى ترشيد أدواته وتقنياته وتوظيفها في الإسراع من عملية البحث وتوفير الوقت والجهد وربما الاستئناس بنتائجه، وليس الاستغناء عن الغرض الحقيقي لتلك المهمة، وأنتم ما رأيكم! ألن يتسبب اعتمادنا المفرط على الذكاء الاصطناعي إلى تعطيل قدراتنا البشرية والتأثير سلبًا عليها؟ أم أنكم تعتبرونه طريقًا سريعًا يسهّل لنا الوصول نحو أهدافنا في ظلّ انفجار المعلومات الذي يتسم به عصرنا الحالي؟