هناك تناقض رهيب في ساحة الذكاء الاصطناعي هذه الأيّام.

نجد بعض الأصوات التي تفتعل المشاكل، تطلق صفارة الإنذار القائلة بأنّ هناك خطر على الوظائف من الذكاء الاصطناعي.

هذه الأصوات هي من رؤوس الذكاء الاصطناعي انفسهم! مدراء الشركات الكبيرة التي تقود عملية تقدّم الذكاء الاصطناعي.

هل يهدمون عملهم؟

قد يبدو للوهلة الأولى أنّهم كمثل ذلك الطفل الذي يمسك المسدس ويبكي، سأقتلكم! لا! أنا أبكي، لن أفعل، أنا رحيم بكم.

هكذا يبدون للعامّة، الذكاء الاصطناعي يشكّل خطرًا، نظّمونا، ولا تقلقوا لن يحدث شيء!

هل هناك عاقل يهدم عمله ومصدر ربحه؟ كلّا، هناك حيلة.

الحيلة الاولى

الحيلة الأولى هي تحويل انتباه الجمهور نحو سيناريوهات تعتبر في الأساس بعيدة المنال، ولكنها لا تتطلب تغييرات كبيرة في النماذج التجارية الحالية لشركات الذكاء الاصطناعي.

هذا يجعلهم ينسون الأثار على سوق العمل الحالية، ومخاوف الخصوصية، وحتّى التداعيات على البيئة (هناك نشاط يتصاعد في الفترة الأخيرة أنّ عملية تعليم الحواسيب الذكية مضرّة بالبيئة)

بدلًا من التركيز على هذه المشاكل والتي قد تجعل الناس يضجّون في مظاهرات واضرابات، تجدهم يركّزون على سيناريو مخيف أكثر، أن يصبح الذكاء الاصطناعي فجأة ذا وعي ذاتي ويسيطر على العالم.

من خلال التركيز على تهديد بعيد وغير مرجح، يتمكّن رؤوس الذكاء الاصطناعي من تحويل الانتباه بعيدًا عن المسائل العاجلة التي نواجهها اليوم!

الحيلة الثانية

السبب الثاني يسعى إلى ترسيخ تصور معين للذكاء الاصطناعي في وعي الجمهور: قوّة هائلة قادمة!

هذا بدوره يكون قيمة تسويقية لتلك الشركات، في ترويج منتجاتها الحالية والقادمة.

هل يستحقون؟

هذه هي المشكلة من المصدر، والنتائج؟ تنعكس على المهتمين بالشأن التقني. فتجد مجتمع تقني يعجّ بالكلام عن الذكاء الاصطناعي، حتّى أتذكر حلقة في ثمانية خُصّصت عن الذكاء الاصطناعي، وأبو مالح بنفسه قد أخذ يسترسل في أخطار الذكاء الاصطناعي القريبة في سيناريو يعرف الجميع، ومنهم القائل نفسه أنّه بعيد المنال!

هل تستحق هذه الروايات المرعبة استثمار وقتنا واهتمامنا ومواردنا؟ أم يمكننا استخدام هذه الموارد بشكل أفضل لمعالجة المشكلات الحقيقية التي يساهم فيها الذكاء الاصطناعي في الوقت الحاضر، مثل انتهاكات الخصوصية والتحيزات في نظم الذكاء الاصطناعي والضرر البيئي وتأثيراته على سوق العمل؟