لعلنا لاحظنا تساؤلات العديد من الأشخاص في البلدان المختلفة عن سياسة تسعير شركات البرمجيات لمنتجاتها، وكيف يجدها البعض غالية جداً وباهظة الثمن مقارنة برواتبهم ومستوى الأسعار عندهم، ويجدها البعض الآخر بثمن وجبة واحدة أو فنجان قهوة مع كعكة لذيذة!

إن شركات البرمجيات التي تتخذ معظمها من أمريكا والبلاد الأوروبية موطناً لها، تقدم خدماتها للعالم كله بمختلف مستوياته الاقتصادية وحالته المادية، وليس فقط مواطنوها الذين يعيشون نفس ظروفها المالية والاقتصادية.

ولطالما كان عندي ذلك التساؤل حول تلك الشركات، كيف تقوم تلك الشركات بتسعير برامجها وخدماتها وعلى أية معايير تعتمد لتسعير تلك المنتجات والخدمات؟ وكيف تطرح سعراً موحداً على كل درجات ومستويات الاقتصاد والفروق الهائلة في العملات في الدول المختلفة؟

إن شركة مثل مايكروسوفت على سبيل المثال، يبلغ سعر أحدث أنظمتها للتشغيل وهو ويندوز 11 برو، مبلغ 200 دولار، وهذا المبلغ يمكنه بالكاد تغطية مصروفات منزلك في أمريكا لمدة 3 أيام مثلاً، بينما هذا المبلغ في مصر يعادل تقريباً وقت كتابة هذه السطور مبلغ 6200 جنيه مصري، وهذا المبلغ بكل صدق وواقعية ملموسة ومنظورة، يمكن أن يغطي مصاريف أسرة متوسطة لمدة شهر كامل، وبالتالي فإن شراء النسخة الرسمية المرخصة من ويندوز 11 بواسطة المواطن الأمريكي لا تشكل له أية مصاعب على الإطلاق، ولكن في حالة المواطن المصري متوسط الحال، يشكل شراء نسخة ويندوز رسمية مصاريف شهر كامل للمنزل، وبالتالي فهو قرار صعب ولا يقبل عليه أغلب الناس ويلجأون للقراصنة والنسخ المقرصنة، هنا مايكروسوفت خسرت أغلب عمليات الشراء من المواطنين في مصر، ولكن ماذا لو طرحت مايكروسوفت نسخاً مخصصة للسوق المصري في متجر مصري لا يعمل سوى في مصر، وبسعر 200 جنيه مثلاً؟ أراهن أن نسبة القرصنة ستختفي بنسبة كبيرة جداً وسيقبل العديد من المواطنون على شراء نسخ رسمية خاصة بهم كبديل عن النسخ المقرصنة، وستربح مايكروسوفت من السوق المصري أموالاً حتى وإن كانت قليلة فهي كانت بالنسبة لها إيرادات معدومة من قبل، ومع تطبيق ذلك على كل الدول الفقيرة يمكن الحصول على أرباح تاريخية في سجلات الشركة منذ أن بدأت أنشطتها منذ عقود!

فهل برأيك يمكن تطبيق ذلك في الواقع أم أن هناك أبعاداً أخرى لا نفهمها للموضوع؟

وهل تتفق مع فكرة ضرورة تسعير البرمجيات لكل سوق على حدة أم الإبقاء على سعر واحد لكل الدول؟