يُحدث الذّكاء الاصطناعي ثورةً في حياتنا اليومية وله إنعكاسات كثيرة على الطّريقة التي نعيشُ ونعمل بها، ولقد إقتحم مجالاتٍ كثيرة كالرّبوتات، معالجة اللغة الطبيعية، الألعاب، الأمن المعلوماتي وغيرها، فماذا لو إعتمد العالم على الذّكاء الإصطناعي في إتّخاذ القرارات وتمّت الإستعانة به في معالجة القضايا والنّزاعات القانونية؟!

حسب مقالاتٍ وتقاريرَ عدّة، كانت قد أشادَت بالدّور المهم الذي يلعبه الذّكاء الإصطناعي في مجال القانون، فهذا الأخير بإمكانه إتمام العديد من المهام التي تستغرق وقتًا طويلاً والمتكرّرة التي يؤدّيها المحامون والقضاة يوميّا، ولديه القدرة كذلك على تحليل كمّيات كبيرة من البيانات التي قد يغفل المحلّلون عن بعض الجزئيّات فيها. إن استخدام الذّكاء الاصطناعي في حلّ المنازعات لديه القدرة على زيادة سرعة وكفاءة العملية القانونية، وكذلك تقليل التّكاليف المرتبطة بحلّ المُنازعات القانونية. يمكن استخدام خوارزميات الذكاء الإصطناعي لتحليل الأدلّة والحجج القانونية، وإجراء توقّعات حول نتيجة القضيّة بناءً على الحالات السّابقة ذات ​الظُّروف المماثلة عن طريق البيانات التي تمّ تدريب نماذج الذّكاء الإصطناعي عليها، ويمكن أن يساعد ذلك على ضمان إقامة العدل بسرعة ونزاهة، وتسوية المنازعات في الوقت المناسب، لكن هل إقامة العدل بالذّكاء الإصطناعي سيُرضي جميع الأطراف؟! أعتقدُ أنّ إقامة العدل والإنصاف في الحُكم تقتضي وجود قاضٍ محنّك، واستعمال العقل في التّحليل وكشف القضايا واللّبس الذي قد يطغى على بعضها، فنماذج الذّكاء الإصطناعي يتمُّ تدريبها وفق بيانات ضخمة لكنّها محدودة، فلو نظرنا لتقنية الشات GPT لرأينا أن قاعدة بياناته متوقّفة على سنة 2021، وأيُّ تحديثٍ جديد حاصل بعد هذه السّنة سيعجز الChatGPT عن الإجابة بطريقة صحيحة ودقيقة. ومع ذلك، هناك أيضًا مخاوف بشأن التحيُّزات والأخطاء المُحتملة التي قد تقدّمُها خوارزميات الذكاء الإصطناعي، والحاجة إلى ضمان شفافية هذه الأنظمة وخضوعها للمساءلة والمراقبة، بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة لحماية خصوصية الأفراد وسرّية المعلومات الحسّاسة التي تتمُّ معالجتها بواسطة أنظمة الذّكاء الإصطناعي التي في الغالب ستسعمل لتدريب النّماذج ومنه إنتهاك تلك الخصوصية! وفي الختام، في حين أن الفوائد المُحتملة للذّكاء الإصطناعي في تسوية المُنازعات كبيرة، من المهمّ النّظر بعناية في الآثار الأخلاقية والقانونية لإستخدامه، ووضع اللوائح والضّمانات المناسبة لضمان إستخدامه بطريقة مسؤولة وفعالة، فهل سيكون هذا الاستخدام ناجعا في ميدان القضاء والمحاماة؟! وهل يمكن أن يستبدل الذّكاء الاصطناعي مهنة القاضي في المستقبل؟ شاركنا برأيك.