عندما شاعت شهرة GPT Chat في الشهر الماضي، حاول الناس تجريبه في مختلف مجالات اهتمامتهم، نشرتُ مقالًا (1) عن استخدامات عامّة أجريتها مع بوت الذكاء الاصطناعي، وقد بدأتُ بتجربته أيضًا في مجالات الدراسة والطب.

أتذكّر أنّي جربته مع مادة الكسور، كنتُ أعطيه كل سطر صعب فيوضِّحه لي، طلبت منه بعض الأسئلة ذات الخيارات المتعدّدة MCQs فأعطاني أسئلة محدودة وسخيفة.

بشكل عام، كانت التجربة جيِّدة، كنتُ أفهم أسرع من بحثي على جوجل، لكنَّ الفهم كان مُرهقًا وناقصًا.

الفهم مُرهق لأنّك تسأل وتكتب للبوت عن ما أشكل عليك فهمه، وتنتظره يكتب لبضع ثوان. الفيديو الذي أشاهده على يوتيوب أسهل، ولعلَّ المصدر الكتابي أسهل أيضًا.

الفهم ناقص لأنّك تبقى ضمن الإطار نفسه، في بعض الأحيان تحتاج لفهم صورة أكبر لا توفِّرها المادة المنهجية، فتستطيع بذلك أن تصل لدرجات أعلى من الفهم.

بقي توظيف البوت في الدراسة غصًّة لم أجد لها حلًا، حتّى قرأت هذه الورقة البحثية.

في هذه الورقة (2) يقدِّم إيثان موليك ثلاث طرق يمكن من خلالها استغلال البوت في الدراسة، ويقدِّم الكثير من الحلول العملية للمدرسين لجعل حصصهم الدراسية أكثر متعة.

الفكرة التي لم أفهمها حين أستخدمتُ البوت مع مادّة الكسور، وتغيَّرت بعد قراءة ورقة موليك هي أنّك لا ينبغي أن تُعامل البوت على أنّه المُدرّس، بل عامله كطالب أدنى منك!

لأنّ البوت محدود في ما يستطيع الوصول له، ولأنَّه يعطيك معلومات قد تكون مغلوطة أحيانًا، بل ويقدِّمها بثقة مفرطة!

فوق هذا، معاملة البوت على أنّه المدرس يجعله يتساوى مع كل مدرِّس جيِّد نراه في حياتنا، نفهم ونشعر أنّنا نملك زمام الأمور، حتّى تُفاجئنا ورقة الإمتحان بصعوبات لم نتخيّلها.

معاملة البوت على أنّه طالب يعطيك ميزة إضافية، تصبح أنت مدرّسه، وما ندرّسه للناس نفهمه! تستطيع أن تسأله سؤالًا، ثمَّ تقيِّم إجابته، تعدِّل عليها، وترى أين هي نقاط الصواب والخطأ.

عندما تكون المدرّس، وتقيِّم الأخطاء في أجوبة الآخرين (حتّى لو بحثتَ عنها في الكتاب) فهذا يعطيك قدرة أكبر على الفهم، وبنفس الوقت يجبرك على أن تفكِّر بالموضوع من زوايا عديدة عندما تعدِّل الناقص من الإجابات.

تقترح الورقة أن نستخدم البوت في أمثلة متنوِّعة، مثل أن نطلب منه أن يشرح لنا مصطلحًا ما ضمن قصّة ومثال عملي، ثمَّ نقيِّم بأنفسنا بماذا أخطأ أو أصاب (التطبيق المفصَّل تجدونه في الورقة المرفق رابطها بالأسفل)

أمّا المثال الذي أعجبني وطبّقته هو الاقتراح الذي كان يطلب من البوت شرح موضوع ما بسلسلة من الخطوات، ثمَّ نُشرِف على هذه الخطوات بالتصحيح.

سألته: ماهي الخطوات التي يمكن من خلالها توليد طفل بوضعية المخاض الخلفي؟

أعطاني الإجابة، ثمَّ أجبرتُ نفسي على تصحيح أخطاءه، توضيح بعض التفاصيل التي ذكرها باقتضاب، وتصويب الصواب.

رغم أنّها لن تكون وسيلة دراسية أساسية عندي، لكنِّي أحبُّ دائمًا أن أدرس بطريقة تتضمّن أن أكون المدرّس والمقيِّم، سيكون الأمر أسهل وأكثر اختصارًا للوقت من ترتيب إتصال هاتفي مع صديق نتذاكر به المادّة معًا. طبعًا العبئ الأساسي سيقع عليك بفهم المادّة من مكان آخر غير الدردشة مع البوت، وأيضًا في التصحيح.

ستكون الخيار الذي ألجئ له حين أملُّ من الطرق التقليدية خلال اليوم، وأحاول أن أقوم بنشاط ممتع ومفيد بنفس الوقت.

مقالي الأول:

الورقة: