أجلس عادة في مقدّمة المدرج في مُحاضرات الكلية، وهذا يعني أنّ هناك نسبة كبيرة أن يؤشِّر عليّ المحاضر التدريسي لأساعده في نقل المحاضرة من فلاشة إلى حاسوب القاعة، ولا أفهم كيف يُرتِّب هؤلاء الأساتذة ملفّاتهم في هذه المجلّدات المُملة.

أشعر أحيانًا بذنب أنِّي لستُ مرتبًا، وعليِّ أن أنظّم ملفات حاسوبي أكثر، فكلّها في مجلد واحد يُدعى Downloads ولا أمل لي بالوصول لملف محدد إلّا من خلال خاصية البحث.

ممّا أراح ضميري، أنِّي قرأت قصّة لعالمة ومدرّسة فيزياء فلكية تدعى كاثرين جارلاند، تعاملت مع هذه المشكلة في 2017، كان هناك مقررًا في الفصل الدراسي، يخصّ انشاء الأكواد برمجية، وهذا يتطلّب تحديد موقع الملف بدقّة لعمل الكود، تقول أنّها عانت الأمرّين من الطلاب، فمعظمهم لم يعرف كيف يحدّد موقع الملف، والباقي لم يعرف ماهو الملف أصلًا.

عرفت كاثرين فيما بعد أنّ هذه المشكلة تواجه أساتذة آخرين، واستنتجوا جميعًا أن الجيل القديم كان يُتقن ترتيب المجلّدات والملفات في الحاسوب، لكنّ الجيل الجديد بعيد جدًا عن الترتيب والتنظيم.

"الأمر سهل، أفتح جرارًا، وبداخل هذا الجرار هناك صندوق يحوي على جرّارات أخرى" 

هكذا كان يعبّر الأساتذة القدماء عن سهولة ترتيب الملفات، ولكنّ الجيل الجديد حسب رأيهم لم يعد يعرف هذه الأساسيات.

أن لا يعلم الجيل الجديد هذه الأساسيات لا يعني إنّهم لا يتعلّمون عن العالم الرقمي، لكنّهم يتعلمون بطريقة مختلفة، فهم غالبًا يميلون للبحث عن ملفاتهم المخزنة في مجلّد واحد، لا ترتيبها في مجلدات.

الجيل الجديد تربّى على خاصية البحث في جوجل، كذلك في ويندوز والماك، وهو لا يرى فائدة من صرف الوقت في ترتيب الملفات، وربما عدم تذكّر الملف المحدد، ما دُمت ستحصل عليها من بحث بضغطات قليلة.

مما أضحكني في القصّة، أن كاثرين نفسها بعد أن تعاملت مع الطلّاب، أصبحت تُشكّك بفائدة ترتيب الملفات، خصوصًا عندما تجدُ ملفًا من البحث السريع.

هل ترتّب ملفاتك؟ أم تستعمل خاصية البحث لايجادها؟ وهل أصبحت المجلّدات من غير فائدة بوجود خاصية البحث؟