أتوقع أن أغلبنا يشاهد الإنتاجات الدرامية الأجنبية و تحديداً المسلسلات الأمريكية نظراً لما تحمله من تنوع في الأفكار و توجه عالمي و استهداف دولي، و هذا الانتشار للمسلسلات الأمريكية ازداد بسبب ازدياد جودة هذه المسلسلات مؤخراً و كل هذا له أسبابه من الميزانية العالية التي تصرف على هذه المسلسلات و غيره من أسباب. بعيداً عن المسلسلات الأجنبية، إن رغبت بمسلسلات عربية ... لا أعلم ما الوصف المناسب لحالها.

أبدأ من المسلسلات المصرية و مشكلاتها. في حياتي كلها لم أشاهد مسلسلاً مصرياً كاملاً، قد تكون اللهجة سبباً في هذا، لكن و مع أني أفهم أغلب الكلمات، إلا أني فعلياً لا يوجد سبب مقنع لأشاهدها. لا أعلم إن كان الإنسان المصري العظيم يشاهد هذه المسلسلات أصلاً، لكن أختصر الوضع هنا بوصف الصحفي المصري الراحل براء أشرف أن في مصر لا توجد صناعة دراما، بل توجد صناعة إعلانات، و الدراما المعروضة وسيلة لترويج الإعلانات. أعجبتني مجموعة من المسلسلات المصرية القديمة مثل عائلة ونيس و هوانم گاردن سيتي و رأفت الهجان، لكن كلها قديمة، و المسلسلات الجديدة لا شيء.

نأتي للمسلسلات السورية و ما تعاني منه. بعد عرض مسلسل باب الحارة قبل عشر سنوات من الآن و نجاحه الهائل، أغرى هذا منتجي المسلسل لإنتاج أجزاء جديدة من المسلسل، و كان هذا جيداً في البداية، لكن المسلسل انحرف بعد هذا و تغير كل شيء للأسوأ، و لن أطيل في باب الحارة لأن موضوعه طويل، لكن تأثير نجاح باب الحارة شمل بقية المنتجين، فصرنا نرى الكثير من المسلسلات التراثية، و كلها نفس المواضيع تقريباً. أما المسلسلات غير التراثية، فلا يوجد شيء يستحق الاهتمام.

أنتقل للمسلسلات الكويتية و آه على المسلسلات الكويتية. كانت المسلسلات الكويتية أفضل ما يعرض في التلفزيون، حتى أن تلفزيون دولة الكويت، القناة الحكومية في الكويت، أجدها أفضل القنوات، و الغريب أن حتى الإعلانات التلفزيونية ممتعة و لا تمل كبقية الإعلانات. كانت المسلسلات الكويتية تتنوع من كوميديا و تراجيديا و دراما واقعية، و حتى إن شاهدناها مرات كثيرة نستمتع في كل مرة. لكن ما الذي حدث؟ يقال أن الإنتاجات في السابق كانت بيد تلفزيون الكويت، و لما دخل منتجون كثيرون السوق، كثر عدد المسلسلات المعروضة، مما أدى لطلب ممثلون كثر و نصوص كثيرة و كل شيء كثير، دون الاكتراث لجودة المحتوى المعروض، لدرجة أنه في سنة من السنوات، كان عدد المسلسلات المنتجة خمسة و ثلاثون مسلسلاً. قصص المسلسلات نفسها تدور حول نفس المواضيع التي هي غالباً قصص حب، و تأتي بعدها قصص الشركة و وراثة "الحلال" و قصص فتيات مراهقات.

لم أذكر المسلسلات من بقية الدول لأنها بلا تأثير، لكن بالتفاتة سريعة: المسلسلات السعودية بعد سلسلة طاش (المكررة كثيراً و المملة في المواسم الأخيرة) ، ليس لها أي قيمة لدرجة انحسارها في القنوات السعودية فقط. المسلسلات الإماراتية جيدة، لكن غير المتابع لها لن يفهم اللهجة و هذا يعيق من انتشارها. المسلسلات الأردنية، لا أعلم، هل يوجد غير المسلسلات البدوية؟ يبدو أنه لا. أما المسلسلات من الدول الأخرى، أصفار (كلمة واحدة تصف الوضع كله).

كنت في كل مرة أقصد المسلسلات الدرامية و أقصد التراجيدية في أغلب الوقت، أما المسلسلات الكوميدية الحديثة فيها تَصَنُّع في التمثيل، و تكرار للنكات و المواقف، و الأسوأ من هذه كله، إبراز الممثلين على أنهم مجموعة من المجانين و البلهاء و الأغبياء الذين يقعون دائماً في مواقف محرجة أو غبية، أو على الأقل نجد شخصاً يؤدي دور المجنون و الأبله و الغبي ...

توجد نماذج لمسلسلات جيدة عرضت مؤخراً، لكن هذه المسلسلات تعد على الأصابع، مثل مسلسل حزاوينا خليجية، و في هذا المسلسل تتحدث كل حلقة عن قصة مختلفة في قالب تراثي، و القصص كتبها عدة كتاب من دول الخليج، و المسلسل جيد إلى حد ما، لكن لا يخلو من عيوب. المسلسل بحريني، و أي حلقة من كاتب غير الكاتب البحريني، يوجد ممثل من بلد كاتب القصة، و المشكلة في اختلاف اللهجة و اللباس. يوجد مسلسل كويتي قديم لا أحد يتذكره اسمه الخطر معهم، و هو مسلسل أكشن أشبه بالمسلسلات الأمريكية، عن ضباط في الشرطة، يواجهون في كل مرة خطراً معيناً، مثل عصابة مخدرات أو قاتل، و في كل مرة يخططون للقبض على هذا الشخص أو المجموعة...

كثيرون يكتفون بمتابعة المسلسلات الأمريكية أو المتحدثة بالإنگليزية، لكن ماذا إن أردت غيرها، ماذا أشاهد؟ لا خيار سوى المسلسلات العربية أو المدبلجة (و التي هي أسوأ إنتاجات البلدان التي تؤخذ منها)، أو لن أشاهد شيئاً. ما الحل للمسلسلات العربية حتى تقدم شيئاً جديداً و مختلفاً و مميزاً في نفس الوقت بحيث يجعل من ترك متابعتها يتابعها من جديد؟

باختصار

  1. المسلسلات العربية كارثية و بها عدة عيوب أهمها التكرار و القصص الفارغة و المملة.

  2. المسلسلات الكوميدية تصور الناس أنهم أغبياء و هذا لا يضحك بل يقرف.

  3. يوجد مسلسلات جيدة لكنها نقطة في بحر.

في النهاية أسأل عن الحلول المقترحة للارتقاء بمستوى هذه المسلسلات.