في الحلقة السادسة من ليس سرابًا، كان أكثر ما اخترق صدري ذلك المشهد الصامت الذي بدا وكأنه يصرخ بكل ما عجزت حنان عن قوله. جلست بينهم، وسط أهلها، في جلستها المعتادة لمشاهدة حلقة جديدة من مسلسل كاتبها المفضّل "جلال". لكن قلبها كان في مكان آخر… وعيونها التي تنتقل بين وجوههم وبين شاشة التلفاز كانت تحكي وحدها حكاية الغريب حين يجلس بين ذويه.
كانت نظرتها الثقيلة تقول إن الوحدة ليست دائمًا في البعد، بل قد تولد أحيانًا في أحضان البيت نفسه؛ حيث يتلاشى الحنان، ويغيب الفهم، وتبقى فقط تلك الحيرة العالقة بين الأضلاع، لا تعرف أين تستريح.
كان المشهد صامتًا، لكنه امتلأ بضجيج الألم… ذلك النوع من الألم الذي لا يبكي، بل يختبئ في العين اللامعة، وفي النفس التي تتظاهر بالقوة.
ورغم كل هذا الثقل، خرجتُ من الحلقة بشعور مختلف؛ شعور يشبه نسمة أمل جاءت من نافذة مفتوحة عن قصد. مشهد طليقة جلال وهي تردّ على الرجل الذي يحبها، وعيناها تتوهجان بذلك اللمعان الذي لا ينطفئ مهما مرّ العمر… جعلني أصدق أن الحياة لا تغلق أبوابها، وأن الفرص لا تُقاس بالسنين.
أدركت أن الطلاق ليس نهاية، ولا العمر حدًّا أقصى، وأن القلب يستطيع أن يبدأ من جديد حتى لو ظنّ الجميع أنه انتهى. أدركت أيضًا أن الحب قد يأتي متأخرًا، لكنه حين يصل في توقيته الخاص، يصبح أجمل.
ذلك المشهد منحني يقينًا خفيفًا لكنه دافئ:
أنني مهما طالت وحدتي، سأجد يومًا من يلامس روحي حقًا…
من يشاركني الحياة، لا كرفيق طريق، بل كمنزل جديد للطمأنينة.
ولن أبقى وحيدة إلى الأبد.
التعليقات