مسلسل "أعلى نسبة مشاهدة".. هل المشكلة الأساسية هي عدم الوعي، أم أن الشهرة تعمي صاحبها وتجعله غير عقلاني؟

لا أختلف معك في أن الهدف الأول أو لنقل الإغراء الأول كان التربح وكسب المال بقليل من الجهد، ولكن بطلة المسلسل لم تكن تفعل شيء خاطيء أو غريب بالبداية كان حلها مثل المئات اليوم الموجودات على السوشيال ميديا ويشاهدهم الناس اليوم ويقومون بالتسويق للمنتجات حتى أصبح هناك تسويق بالمؤثرين، ولكنها في المرحلة الأخيرة فعلا تم استدراجها وخداعها وممارسة الضغط واستغلال ضعفها وظروفها، وهذا للأسف يحيلنا لنقطة ربما بعيدة عن محور النقاش لكن هي السبب في كل ما حدث بالمسلسل، وهي شكل العلاقة بين الأم وابنتها

 ولأن الكثير من الأشخاص يفتقرون في الأساس وفي حياتهم العادية لامتلاك قيمة حقيقية بعلمهم أو عملهم حتى يقدمونها

المشكلة أن من يقدم قيمة حقيقية لن يجد أي نسبة تُذكر من التفاعل مقارنة بالمحتوى المٌبتذل والذي يعتمد على فقط على إشباع عواطف مختلفة عند الناس، ولكن لا يٌساهم بأي شكل بإرتقاء أذهانهم، وأنا هنا لا أنتقد المحتوى التجاري الخاص مثلًا بالترويج لبعض الأماكن حسب تخصص صاحب المحتوى، على العكس أجد أن بعض الأشخاص يوفرون تعب ومجهود بتوفير معلومات عن تلك الأماكن بالنسبة لمن يحتاجها. المشكلة التي يعرضها المسلسل، أن الفتيات متعلمات وقادرات على التفكير بمنطقية، ولكنهن يطمحن في حياة أفضل مثل التي يشاهدونها على مواقع التواصل الاجتماعي وينشرها صناع المحتوى المٌبتذل على صفحاتهم، من أماكن ومطاعم غالية الثمن، وملابس تدل على الثراء الفاحش، وسيارات ومنازل، ويتوقعون أن ذلك نتيجه فقط لما ينشرونه، وهنا الخديعة كما ذكرتِ/ لأنه لا يوجد طريق سريع لكل هذا الكم من الأموال دون مقابل.

 فالكثيرون في طريقهم لكسب المال لا يفكرون في ماذا سأفعل به عندما يأتي وبالتالي يكون هذا سبب كبير في ضياع إما المال أو الشخص نفسه عندما يصل إلى هدفه 

انت أشرت لنقطة مهمة اسلام، وهي نقطة عدم وضوح الرؤية والهدف، بالتالي غياب التخطيط، ولكن لا يستطيع الجميع تحديد هدفه من البداية خصوصًا في مقتبل العمر، ويشعر أن تجربته هي فقط دليله لمعرفة هذا الهدف، فكيف في رأيك يمكن لشخص وضع استراتيجيات واضحة لاستثمار أمواله، وهدفه لايزال غير واضح؟

 ودون إداراك لأبعاد الأمر. لم يسأل أحد ممن يخطون في هذا الطريق نفسه سؤال: ماذا عساه أن يكون الثمن؟

الفكرة أن عنصر الشهرة تحديدًا يلعب بالعقول التي لا تفكر كما ذكرتي، ويجد الشخص نفسه أمام خِيارين الاستمرار للوصول لشهرة أوسع ومال وفير، حتى لو تطلب الأمر إهانة نفسه بأسوا الطرق، إما الابتعاد عما يفعله واختيار الاستمرار في عمل ذو قيمة ولكنه قد لا يوفر نفس العائد المادي والشهرة، ولكن حتى نكون محايدين، هناك بعض صناع المحتوى المحترفين، يحصلون على دخل مادي عالي مقابل نحتوى متخصص ذا قيمة، ولكن المعادلة هنا صعبة، لأنها تحتاج صبر ومجهود مكثف، إذًا المشكلة هي في اختيار كل شخص لنوع الصعوبة التي تناسبه، هل صعوبة مجهود ووقت، أم صعوبة اختيار المهانة والتذلل للانتشار أي طريقة.

لكن المقلق في المنصات وخاصة التيك توك أن خورزمية المنصة لشعوب العالم تدعم بشدة إنتشار المحتوى المبتذل في حين تمنع المحتوى نفسه في الأنتشار في بلده في الصين

"صانع السم لا يذوقه"، هناك توجه غريب ناحية الاهتمام لترويج الهيافة وانتشارها في العالم كله، وهذا نراه في العديد من القطاعات وخصوصًا الإعلامية والفنية، لا أعلم ما الاستفادة من توجيه الذوق العام لهذا المسار ولكن يمكنك اكتشاف الفرق في التقدم مثلًا بيننا وبين الصين، وستجد إجابتك عن اهتمام البلد بمنع انتشار هذا المحتوى لديهم، ربما تكون هذه هي الفائدة الوحيدة للديكتاتورية، أن أعلم أن هدف الصين هو تربع عرش الاقتصاد والتطور التكنولوجي، لذلك من الطبيعي أن تمنع انتشار التفاهة بين ابناء الشعب، لأنها تريد الحفاظ على مستواها بكل هذا التعداد السكاني المهول، تخيل لو ربع هذا الشعب أتجه للتفاهة، أكثر من 500 مليون بني آدم، كيف ستكون دولة الصين في السنوات القادمة؟

المسلسل فعلًا مميز لهذا العام، وأتمنى أن تتابعه لأنه واقعي وكتابته جيدة جدًا، وعلى الصعيد التمثيلي، هناك مجهود مبذول من كل الممثلين وتتفاوت نسبة الإتقان بالطبع، ولكن مثلًا أعجبني آداء "سلمى ابو ضيف" تحديدًا لأني عادة كنت أراها ممثلة محدودة جدًا.

 كالآثار النفسية و الإجتماعية السلبية مثل التوتر و القلق

أشرت لنقطة هامة نذير، وخصوصًا في الأجيال الجديدة، نسبة انتشار حالات القلق والاكتئاب أصبحت عالية في السن الصغير، وهو نتيجة تعرضهم المستمر لكل أشكال المحتوى على هواتفهم وحواسبهم، دون انقطاع، ويجدون أن صانع المحتوى اليوم، يلقى شهرة واسعة غدًا، ويتلقى عروضات في مختلف المجالات فقط لأنه مشهور!