لا يوجد شيء يعجبني في الدراما الصينية والكورية الجنوبية أكثر من تمسكهم بتاريخهم لدرجة أنهم ينشئون مدن بأكملها على الطراز القديم ويتحكمون في الإضاءة بحيث تبدو أحداث المسلسل واقعية كما لو أنها أنتجت بالفعل منذ قرون عديدة.

ولا أخفي عنكم سرًا أنا لا أندمج كثيرًا مع الدراما العربية رغمًا عن هويتي الصحفية التي تجبرني على معرفة أهم المسلسلات التي عرضت في رمضان، والأفلام التي كسرت حاجز المليار في شباك التذاكر، وسبب ابتعادي عن الدراما العربية هو تعلقي بالكلاسيكيات؛ فمع الأسف لم أجد منذ سنوات مسلسل في قوة حلم الجنوبي أو زيزينيا أو أرابيسك، ربما ستقولون أني شخصية تعشق النوستالجيا، ولكن الأمر لا يتعلق بالحنين للماضي بقدر احتياجي لرؤية شيء يحترم عقلي، أنا أبحث عن الأصالة فقط لا غير.

والآن شعرت ببصيص أمل بعد رؤية جزيرة غمام، المسلسل الذي تدور أحداثه في عشرينيات القرن الماضي، هل تعلمون كيف شعرت بالألفة تجاه المسلسل قبل رؤية أحداثه؟ بسبب علي الحجار، صوت علي الحجار وحده كفيل بإقناعي أن الماضي بروعته قد يعود يومًا، ما أجمل أن نستمع لعلي الحجار مجددًا في تتر مسلسل يذكرني بذئاب الجبل، نفس الشخص الذي يتغنى بحط الغمام على الجزيرة بدل هواها وطباعها هو نفسه الذي أمتعنا برائعته "واللي زرع في صوته فدان ورد وأغاني مالي دبلت ورودي وكأس همك سقاني".

ومنذ شهر تقريبًا سمعت خبر رائع أخر وهو البدء في تصوير مسلسل الحشاشين المقتبس عن أحداث حقيقية أثناء وعقب ثورة 1919، وكيف سيبدأ الأبطال نضالهم ضد الاحتلال الإنجليزي.

والآن أتساءل هل بإمكان الدراما المصرية العودة لسابق عهدها؟ هل سيأتي يوم نفتخر فيه بالأعمال المعاصرة ونشاهدها مرارا وتكرارا كما نفعل مع روائع الدراما المصرية التي تناقش كل جوانب الحياة المصرية وتتحدث عن كل فئات المجتمع ولا تركز على الجانب السلبي -البلطجي- الذي شوه صورتنا أمام أنفسنا قبل أن يشوها أمام الآخرين؟