هناك مثل أجنبي مشهور يقول: «تفاحة واحدة فاسدة كفيلة بأن تُفسد الصندوق بأكمله»، وهو إسقاط على أن التأثير السيء لشخص ما يمكن أن يطول كل من حوله ليجعلهم مثله، ولكن، ماذا لو كان هذا التأثير قادم من أحد الوالدين؟
الأبناء أحيانًا يعانون من خطايا ارتكبها أباءهم، فهناك من يرث عنهم الديون، وأخر قد يرث بعض الأمراض الوراثية، وأخر قد يرث سوء السمعة فيعاني طيلة حياته بسبب ذنب لم يكن له يد فيه. وهناك أخرون ممن يسيرون على نفس النهج، وتكون أفعال والديهم هي من مهدت لهم الطريق ليسيروا في درب آخره الهلاك.
وهذه أكثر فكرة علقت بذهني بعد مشاهدتي للمسلسل الرائع «Mare of Easttown»...
المسلسل مكون من سبع حلقات فقط، ومن إنتاج شبكة «HBO»، ومن بطولة «كيت وينسلت» التي لعبت دور «مير» محققة الشرطة التي تتمتع بذكاء كبير، وتربطها صلة بجميع سكان بلدة «إيست تاون»، ونشاهد خلال أحداث المسلسل كيف تتقاطع ظروف عملها القاسية مع حياتها الشخصية التي تبدو على المحك، فتحاول جاهدةً الحفاظ على ذلك الوتر الضعيف الذي يُبقي على صورتها المتماسكة وكأنها مازالت تتحكم في زمام الأمور.
ولكن كيف يمكن أن تتحلى بالقوة عندما تكون حياتك أشبه بحطام لسفينة غارقة؟ فنشاهد معاناة «مير» بعد انتحار ابنها وطلاقها، وقضية وصاية حفيدها، وفوق كل هذا، تأتي جريمة قتل غامضة تهز البلدة بأكملها، وربما تكون لـ«مير» بمثابة القشة التي تكسر ظهر البعير.
أهم ما يميز المسلسل برأيي هو أنه لا يركز على ألغاز الجريمة فقط، وإنما يسلط الضوء على العديد من الشخصيات المعقدة والعلاقات التي تجمع سكان البلدة ببعض. وبعد مشاهدة أخر حلقة من المسلسل، ظل يراودني ذلك السؤال الذي أشرت له في البداية، وهو، لماذا دائمًا على الأبناء دفع ثمن أخطاء الآباء!
فعندما تعمقت في شخصيات المسلسل، وجدتُ أن أغلبهم كان متأثرًا بالأخطاء التي ارتكبها أباءهم. فـ«مير» نفسها ظلت طيلة حياتها لا تعرف كيف تعبر عن حبها بسبب أنها لم تلق الحب يومًا من أمها، ولهذا لم تستطع مساعدة ابنها في أزمته وانتهى به الأمر بالانتحار. وحفيدها الصغير لا ذنب له في أن أمه مدمنة للمخدرات، ولذلك يجد نفسه الركن الأساسي في صراع بين جدته وأمه على وصايته.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، ولكن هناك العديد من الشخصيات ممن ارتكبوا أفعال دمرت حياتهم، وكان السبب الرئيسي فيها خطايا أباءهم، ولكنني لا أريد أن أحرق عليكم أحداث أخرى من المسلسل.
وفي النهاية، ما رأيك أنت، هل تعتقد فعلًا أن الأبناء عادةً ما يجدون أنفسهم ضحايا ذنوب لم يكن لهم يد فيها؟ أم ترى أن الأبناء هم من يختارون السير على نفس الطريق بمحض إرادتهم، بدلًا من البحث عن مخرج من المستنقع الذي يجدون أنفسهم فيه؟
التعليقات