هل السمنة تشكل عائقا للزواج والحب، أم تعدو مجرد سمة عادية في أي شخص؟

إذا كنا نتحدث عن سمنة مرضية فالأفضل على الشخص أن يستشير خبيرا للتغدية ويتبع حمية قاسية لتخفيف وزنه للحد الصحي، وهذا التصرف يجب أن يكون خدمة لنفسه من أجل تفادي الأمراض وليس لأجل أي شخص آخر.

أكثر الأشخاص الذين يتغيرون، ليس من أجل صحتهم، بل لنظرات الناس واحتقارهم، ورمي كلمة هنا وهناك، الجانب النفسي يؤثر أكثر من الجانب الصحي..

أما النظر للسمنة كعائق عن الزواج. فأولا فإن هذا غير موجود في مجتمعي لأنه وعلى العكس تماما تفضل الثقافة الشعبية لبلدي الأشخاص السمينين، وفقط بعض الشباب المتأثر بالثقافة الغربية من يرفض هذه الثقافة.

الأمر مختلف بين النساء والرجال، أكثر النساء تقبل الرجل مهما كان شكله، أما الرجال فالعكس، لأن معظمهم كما قلت يؤمنون بفكرة مواصفات عارضة الأزياء..

لكن ألا ترين أن مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها هي من نشرت هذه الثقافة، تجعل الفتيات يتصورن عارض الأزياء، والشباب كذلك، وحين يأتي الواقع يصدمون بالواقع، وتتأزم الأفكار والعلاقات..

صحيح كلامك كله ولكنني أود ان أعلق على الجزء الذي قلتي به أن الشخص يبحث عن الشريك المناسب له فكرياً وليس شكلياً، وهنا نأتي لفكرة اختلاف الذكر عن الأنثى، فالذكر بعادته يحب الجمال وهذه حقيقة وليست رأي، والغريزة الإنسانية تفرض هذا الشيء عليهم، ولا أعني بذلك مواصفات ملكة الجمال ولكن يجب أن يكون الشكل مقبولاً.

فحتى أنا كفتاة يهمني الشكل ولو كان عاملاً ثانوياً، ولربما يكون اختلاف ثقافي أيضاً واختلاف آراء وأحترم ذلك.

ليس الحال أنها تشكل عائقا في الالتحاق بالوظيفة، بل الحياة المهنية، قد تجعل زملائك ينظرون لك بازدراء ولها العديد من العوائق، كالقيل والقال، وأنت تعرفين النساء بينهن كيف يزدرين بعضهم البعض..

لو كنت أنت في عمل كيف تتعاملين هذه التصرفات من زميلاتك؟

لقد ذكرتيني بالفيلم المصري "اكس لارج" والذي قدم فيه الممثل المصري أحمد حلمي دور الشاب الذي يعاني من السمنة، وتعيقه في حياته، وكيف كانت صدمته عندما رفضته حبيبته بسبب وزنه الزائد.

يبدو أني سأتابع هذا الفيلم محمد، لأني عادة اجد الأفلام تتناول أن المرأة هي التي يتم هجرها بسبب السمنة، ونادرا ما يقع هذا للرجال.. لأن الرجل عربيا يقال: لا يعيبه إلا جيبه..

ولكن لو سألتيني قبل الزواج عن تقبلي للفتاة التي تعاني من السمنة لأخبرتك أن الأمر لن يشكل فارقا طالما أنني اقتنعت بشخصيتها، فقد تكون نحيفة وتصاب بالأنيميا، أو حتى تصاب بالسمنة بعد الزواج!

أود أن أسألك بمناسبة هذا الموقف الذي قلته، هل حقا الرجل يتغير وقد يكره زوجته فقط لأنها تسمن بعد الزواج، أم أنه مجرد شعور عادي لانهما بالأصل لم يتزوجا عن حب؟

ليس البلدان الإفريقية، بل حتى الثقافة الأمريكية نفسها تأتي بهذا المفهوم، خاصة أن ذوي الأصل الافريقي نشروا هذا الأمر، خاصة للنساء، إذ تعتبر ليست سمنة بل أنوثة..

يبقى كنا قلت نظرة الشاب هي الميزان، بين ما يفضله وبين لا، والفتاة بدورها، لكل شخص معايير يضعها في باله..

هذا بالنسبة للأشخاص الذين يضعون الشكل كأمر أساسي، أما إذا أحببت شخصا لثقافته وشخصيته ولو أنه سمين، قد تستطيع مساعدته للتغير من أجل صحته، لا أحد يعلم عوائق، يمكن أن تزاح بعد أن نساعد شخصا ما..

فمه من جلب عليه السخرية، وقذارته إن كانت مغرورا برتبة والده، هناك أشخاص طيبون للغاية، ورغم سمنتهم مثلا يتقبلهم المجتمع ويحضنهم، قبل أن نحكم على الشكل الخارجي، المجتمع هاجم شكل الخارجي لهذا الإنسان بسبب شكله الداخلي الكريه، لهذا لهم مبررهم، لا تنسي أن كاميرون -رغم أني لست متعاطفة معه- قد بكي بحرارة وتحدث عن ندمه وكرهه لما فعل، وخطأه الجسيم اتجاه المرأة وتحدث الكثير عن عدم قدرته حتى على النوم، لذا لنكن منطقيين، لو كان كاميرون مغرورا لأنه ثري وله عائلة ذات نفوذ، وصرخ في وجه القاضي، واخبره أنه لا يستحق وتلفظ بعبارات سيئة، وقال أنه ليس نادما، هل كانوا سيتعاطفون معه، جوهر كاميرون هو البداية التي جعلت الناس يتعاطفون، أما من تعاطف معه على وجهه فمجرد مراهقات تيك توك لا يأخذ برأيهن، أما الشريحة الكبرى التي تعاطفت معه بشكل عقلاني بناء على داخله النادم بخصوص فعلته وبخصوص طيبته.. لا تنسي أنه قتل خطأ، وحادث خرج عن سيطرته، ليس في النهاية متعمدا..

إن كان العمل يتطلب اللياقة، فهذا منطقي، أولا لنراه إيجابيا قد ترفض الشركة مثلا شابا بدينا لعدم قدرته على التنقل بين المكاتب وجلب الملفات، قد نجده سيئا في حقه، لكنه أفضل لصحته، إذ التنقل قد يرفع تعرقه ودقات قلبه التي لن تتحمل، و بالتالي خطر وفاته، والشركة ستتحمل..

مثل هذا، قد يكون حافزا للشاب من أجل التخسيس والظفر بالعمل..

نقطة أخرى، وهي وإن قبل في العمل، سيكون وجهة للتنمر من زملائه، هذا أمر شائع للأسف، وقد يؤثر على نفسيته

فعلا، حسب كل مجتمع، أرى أنه من الإجحاف أن يضع المجتمع السمنة كسبب للزواج، مثلا بعض القبائل الصحرواية لدينا تجعل الفتاة تسمن من أجل الزواج، والنحيفات لا نصيب لهن، فجمال المرأة أن تكون بدينة للغاية، وإلا لن تتزوج، لذا تعمل الأمهات والبنات على الأكل الشره ووصع وصفات من أجل الوصول للوزن الزائد، لكن للأسف هذا امر خاطئ، قد يشكل خطرا على حياتها مستقبلا، وقد لا تتحمل أمور الولادة وقد تتوفى في سن صغيرة بسبب القلب، وبسبب زيادة الكوليسترول..

الا ترين أنه أمر سيء، وأن تبقى الأمور عادية حسب ميول كل شاب وشابة؟ بدون أن نضع النحافة ولا السمنة كمعيار أساسي للزواج؟

ولكن فرضا في المستقبل أحببت شابا سمينا، هل ستتخلين عن شخصيته اللطيفة، وحبه لك، ومحاولة إسعادك يا مريم فقط لأنه بدين؟

ألن تضيعي جوهر شخص ما، فقط لشكله الخارجي؟