هل فعلاً ستتغير نظرتك للشخص نفسه لو رأيته/عرفته في الحالتين؟

لا لن تتغير وأقولها بصدق ، دائما في مصر نكرر جملة : ليس لنا في انفسنا شيء ، ولكن دائما المرء يظن نفسه بعيد عن الابتلاءات (نسأل الله السلامة) ولو تفكر قليلا لغير رأيه بكل تأكيد .

عملت فترة من حياتي مع المعاقين حركيا وعرفت فيهم شبابا في منتهى الحماس والتطلع ولم يؤثر فيهم مطلقا أن فرصتهم في الحياة الطبيعية قليلة ، ربما يتحسن الأمر تدريجيا ولكني اراه تحسنا بطيئا .

عرفت من بينهم فتاة جميلة جدا ، بترت ذراعها في حادث مرور ، وكان ذلك قبل عقد قرانها بيوم ولكي ان تتخيلي ما حدث ، لقد فسخ العريس الخطبة ولكنها لم تستسلم لليأس والفراغ وساعدها ايمانها كثيرا في هذا الأمر ، وبعد ما تعافت ، استكملت دراستها - كانت دبلوم تجاري- درست في كلية التجارة الجامعة المفتوحة واخذت البكالريوس وقابلتها وهي تدرس الماجستير ، بالله عليكي من الخسران ؟؟

كان سيتزوج فتاة جميلة ومتطلعة وذكية وإرادتها من حديد ، أما هي فكانت ستتزوج رجل يعشق المظاهر وخسيس أول ما فعله في مصيبتها أن تخلى عنها وراح يبحث عن عروسة أخرى بذراعين .

ألم يسأل نفسه ماذا لو أصيب هو ، أو ماذا لو أصيبت هي بعد الزواج وليس قبله .

هل تقبل الزواج من شخص مصاب بالبهاق؟

انصح كل شاب وفتاة مقبلين على الزواج ان لا يتسرع في الحكم بناء على المظهر لأن الجوهر أهم وهو ما سيبقى بعد ان ينتهي الإعجاب والوله ، جمال الروح : الذي سيعكس التفاهم والمودة وسعة الصدر والكرم والتفاني والإخلاص .

هل سيكون لدينا مستقبلاً لأن نصبح مجتمعات متقبلة لاختلافات الآخرين وبدون أن نظهر الشفقة أو النظرات السخيفة؟

اعتقد ممكن يحدث ذلك في مجتمعاتنا العربية ولكن ليس الان ، بعد ردح من الزمان ، نحتاج كثير من الوعي والايمان والثقة بالنفس وبالاخرين ، ثقافة الأختلاف موضوع كبير ونحن أصلا لا نقبل الخلاف في الرأي ، وهذا ابسط الاختلاف ، فكيف نقبل ما فوق ذلك ؟!

تحليلك للمسلسل وجوانبه أتي في مكانه تماماً رغم أنني لم أشاهد إلا حلقتين تقريباً، لكن حين قرأتُ المساهمة تخيلتُ الأمور كيف سارت، لكن ألا ترين يا روان أن كل ما حدث هو متوقع؟ لا أقصد مرض البهاق والتعامل المجتمعي.

أقصد الحبكة السينمائية وكل هذا، أن تمر الفتاة بمرحلة قاسية في طفولتها وفي مراهقتها وشبابها ومن ثم تقرر التصالح مع نفسها فيحدث الخلاف والاهتزاز في علاقاتها الحالية ويعوضها الله بحب أصدق وأكبر وتنتهي القصة بنهاية سعيدة!

أقول هذا لأن صديقتي مصابة بالبهاق، هي من رام الله وأن أعرفها عن بعد، مرّت أربعة أشهر قبل أن تُخبرني بأنها مصابة بالبهاق، هي جامعية الآن، ورغم مرور سنتين الآن على صداقتنا إلا أن الحياة تبدو أكثر قسوة عليها، ومهما حَاولتْ الخروج من دائرة الجَلد الذاتي بسبب شكلها رغم تقبّل الأصدقاء والأهل له إلا أنني ما زلتُ أشعر بحزنها العميق!

لن أكون مثالية وأقول أن الجميع يتم تعويضه بنهاية سعيدة! لأننا نرى هؤلاء الأشخاص الرائعون ليسوا قادرون بشكل كامل على التواصل مع ذاتهم بعيداً عن رؤية الناس لهم للأسف! رغم تقبُلهم ذاتهم إلا أنهم يستمرون فقط بتجاوز الكثير.

هل تقبل الزواج من شخص مصاب بالبهاق؟

لذلك الارتباط بهم لن يكون سهلاً لأننا نأخذه من مبدأ أحقيتنا نحنُ بقبوله ورفضه، في حين ننسى أنهم يساوونا في القيمة الإنسانية وأنهم يحق لهم بالأساس قبول حبنا ورفضه بعيداً عن مسألة البهاق أو أو..

فرضا لو رأيت شخصا أخفى عني هذا ، سيألمني قلبي عن كل مخاوفه التي واجهاا وتخيلاته لرفضي في حالة معرفتي ، سأخبره أنه لم يعرف معدني وأسانده ، لنتخيل أني تزوجت رجلا وسيما وجميلا وكل المواصفات المطلوبة فيه ، ومر سنة وجاءه مرض جلدي ، هل سأتخلى عنه ؟ بالطبع لا ، و أتمنى أن يكون الأمر كذلك بالنسبة لي ، حين كنت اقرأ ما كتبت عن خطيبها الأول ظهر لي أن سبب الفراق لم يكن عن البهاق نفسه ، وهذا سبب رغبته في الرجوع معها ، ولكن ربما لأنها خذعته ولم تخبره هذا الامر الهام عنها طوال السنة ، أتفهم مشاعره ، وسأصاب بخيبة أمل لو جرى لي نفس الأمر ، وقد يدفعني للفراق ، لا من أجل البهاق بل الثقة نفسها كيف لي أن أكمل حياتي معه وهو في البداية لم يصارحني ، هذا الشك سيرافقني طيلة حياتي معه لأن البداية لم تكن جيدة لنا ...

ما هو التصرف الصحيح الذي يجب أن يقوم به الأهل لحماية طفلهم في أي وضع مشابه خصيصاً في عمر صغير؟

لا ألوم الأم في تصرّفها، فهي تدرك حجم الضفط النفسي الذي ولّده اختلافها وسفاهمة المجتمع وعدم تقبّلها كإنسانة طبيعية بينهم ما دفعها غريزيًا للقيام بذلك لرفع معنويات ابنتها ومحاولة رأب الجرح وتقليله!

المشكلة تقع في المجتمع ذات نفسه!

لم نعد مجتمعات متخلّفة علميًا، بل إن الشغل الشاغل للمجتمعات العربية هو العلم والتعلم حتى أن نسبة خريجي الجامعات وحملة الشهادات الاكاديمية بات كبيرًا في الوطن العربي.

لكن التقدّم العلمي للأسف لم يقترن بتقدّم إنساني، وثقافة تقبّل الاختلاف لا تزال حاضرة وبقوة في مجتمعاتنا.

ولأن الأم مدركة لكل ذلك، آثرت أن تُحاول إخفاء المشكلة لأنها تعلم كل العلم أن مواجهة المجتمع بهذا الأمر ربما لن يُجدي نفعًا طالما ان الابنة لم تتقبل نفسها بعد.

وربما الأجدى أن تقوم بتعزيز الحالة النفسية والنفسية، وإقناعها على تقبل الاختلاف وأنه لا يُنقصها شيئًا عن أقرانها.

متى ما تقبّل الشخص نفسه، فلن يردعه شيء آخر.

هل تقبل الزواج من شخص مصاب بالبهاق؟

طالما أن المرض ليس بمعدٍ، ولا يؤثر على الحالة الصحية، فما المشكلة في ذلك؟

إن لم نكن نعاني من عيوب ظاهرة وجسدية فنحن بالتأكيد نعاني من عيوب معنوية في أنفسنا.

متى ما تقبّلنا أننا جميعًا نعاني من النقص بشكلٍ أو بآخر، ستصبح النظرة لمن يعاني من البهاق أو أي مرض آخر نظرة طبيعية.

هو ابتلاه الله بشيءٍ في شكله، ونحن ابتلانا الله في السر، فلا شماتة في ذلك للعقلاء.