ما الأفضل التزام المخرج ببصمته السينمائية أم التجديد الفني؟

حقيقة، لا أعرف المخرج أو الفيلم، ولكنني سأحاول الإجابة بشكل عام بناءً على تجارب مماثلة. أعتقد أن التزام الفنان أو المبدع بما يتقنه يحقق نتائج أفضل بكثير، لأنه مع مرور الوقت واكتساب الخبرة، يُكوّن تجربة عميقة ومتفردة. هذا التراكم المعرفي والمهاري يمنحه لمسة إبداعية خاصة به، يصعب تقليدها.

من الصعب على أي شخص أتقن نوعًا معينًا من الفن أن ينتقل إلى نوع آخر، ويتوقع أن يصل إلى نفس مستوى الحرفية والإتقان بسرعة. فكل مجال فني له أسراره وآلياته الدقيقة التي تتطلب سنوات من التدريب والممارسة. إن محاولة الانتقال السريع غالبًا ما تؤدي إلى إغفال العديد من الجوانب الفنية الأساسية التي لم يتدرب عليها المبدع بشكل كافٍ، مما يؤثر على جودة العمل النهائي ويجعله أقل إقناعًا.

لا توجد بصمة بدون تجديد يا زياد، الأمران لا يتعارضان بأي شكل، بل يكملان بعضهما بعضاً، كل من استطاع أن يخلق بصمة فنية خاصة، لابد أن يمر بمرحلة التقليد والاتباع كمرحلة أولية ثم سرعان ما يخلق لنفسه أسلوب خاص يعكس شخصيته، ومع هذا الأسلوب يأتي التجديد الفني لا محالة.

ألا تعتقد أن هذا التجديد، حتى وإن لم يأتِ بالنتيجة المرجوة، هو جزء أساسي من مسيرة أي فنان حقيقي؟

في نظري، لا يجب على المخرج الالتزام بنمط واحد حتى لا تفقد أعماله بريقها مع التكرار مرور الوقت. والأفلام النفسية العميقة هي نقطة قوة Aronofsky، لكن محاولاته للتجديد في الاسلوب، مثلما فعل في Noah أو الآن في Caught Stealing، هي محاولات للتطور الفني، قد يكون فيلم تقليدياً بعض الشيء، لكنه خطوة جديدة للمخرج من الطبيعي ألا تكون بنفس قوة أعماله الآخر فأي شخص يقوم بشيء للمرة الأولي قد لا تكون النتائج جيدة، ولكنه سيتعلم منها ويرى أخطاءه ويحاول تصحيحها برأيي أن هذا التجديد هو إبداع أيضاََ وخطوة جيدة حتى لا يكون محصوراً في قالب واحد متكرر. أليس من الأفضل التغيير حتى وان ادى إلى نتائج أقل جودة وتتطور مع الزمن على أن يبقى محبوساً في نفس القالب الفني إلى الأبد؟

في رأيي التغيير ليس دائمًا من أجل أن يقدّم عمل عبقري جديد، أحيانًا بيكون مجرد تمرين أو مغامرة شخصية للفنان نفسه، يكتشف فيها حدوده أو يوسّع أدواته—حتى لو النتيجة لم تعجب الجمهور.

لكن في نفس الوقت، الخطر إن الفنان لما يغيّر بدون ما يضيف بصمته، بيخسر ميزتين: قوته الخاصة في النوع الذي اعتاد عليه، وعدم القدرة على المنافسة في النوع الجديد.