انتشرت كثيرًا في الفترة الأخيرة أخبار إضرابات الكتَّاب المتكررة في أمريكا اعتراضًا على الأجور القليلة التي يتلقَّونها نظير عملهم، و في السينما العربية أيضًا يشكو الكتاب من قلَّة الأجور التي تسبِّبُ في رأيهم انخفاض الجودة الكتابية للأعمال العربية، أليست مفارقةً عجيبةً بالفعل أنَّ النجوم الذين يظهرون أمام الكاميرا يتقاضون الملايين لتمثيل نصٍّ كتبه كاتبٌ يتقاضى أقل من 1% من أجر أولئك النجوم؟ ما السبب في تهميش الكتَّاب في السينما لهذه الدرجة التي تدفعهم للحاجة للإضرابات؟ أليس دور الكاتب مساويًا أو حتَّى أكثر أهمية من الممثل؟
لماذا لا يُكافأ الكتَّاب بشكل كافٍ في صناعة السينما؟
الأهم من مشكلة ضعف أجور الكتاب، هو نظرة الجمهور والنقاد لدور الكاتب لان السينما قائمة على الصورة والجمهور بطبيعته كمشاهد يربط الفيلم بالممثل الذي يظهر على الشاشة، لهذا الانتاج يوجّه الأموال الكبيرة للنجوم لأنهم الوجه الذي يجذب المشاهدين ويضمن الاقبال على شباك التذاكر. رغم ذلك فإن قوة السينما الحقيقية تبدأ من الكتابة، ومن النص الذي يجسده الممثلين ويحوله المخرج إلى صورة فنية رائعة وعندما تتطور لدينا ثقافة القراءة سيصبح الكاتب هو الاخر نجم وتغيير صورة الكاتب في الوعي الجمعي العام وأن تُسوَّق الأعمال بأسماء كتّابها فالمشكلة ليست في صُناع السينما وحدهم، بل فينا نحن الجمهور
برأيي الكاتب يضع الأساس لكن الممثل هو من ينقل هذا الأساس إلى الناس بلحم ودم ومشاعر، فالنص وحده لا يبكينا ولا يضحكنا، بل الأداء هو ما يجعل الكلمات تنبض وتتحول إلى لحظة حقيقية على الشاشة
وأحيانًا أداء ممثل بارع يرفع من قيمة نص متوسط، بينما لا يستطيع أفضل نص في العالم أن ينجح إذا قدمه ممثل بلا حضور، التقدير يجب أن يكون للجميع لا أن ندخلهم في منافسة على من هو الأهم.
أتفق معك أن الأداء التمثيلي عنصر أساسي في نقل النص من الورق إلى الشاشة، والممثل بالفعل يضخ فيه المشاعر والحضور الذي يجعلنا نتفاعل ونتأثر، لكن في الوقت نفسه لا يمكننا تجاهل أن هذا البناء العاطفي كله قائم على نص محكم وإلا فماذا سيؤدي الممثل؟ صحيح أن ممثلا بارعا قد يرفع من قيمة نص متوسط، لكن النص العظيم يعطيه مساحة أكبر ليُبدع ويترك أثرا أعمق، ولهذا أرى أن المشكلة ليست في من هو الأهم بل في ميزان التقدير نفسه، فالممثل يحصل على نص جاهز يسلط عليه الضوء، بينما الكاتب غالبا ما يظل في الظل رغم أن العمل بدأ من عقله وخياله، وكأننا نكافئ الواجهة أكثر من الجوهر، ربما ما نحتاجه ليس تقليل قيمة الممثل ولا تكبير دور الكاتب بشكل مبالغ فيه، بل إعادة توزيع التقدير والموارد بشكل يعكس أن السينما عملية جماعية لا تقوم على بطل واحد، وهنا السؤال: كيف يمكن للصناعة أن تُعيد الاعتبار للكاتب دون أن تدخل في صراع بين عناصرها المختلفة؟
التعليقات