اشتهر منذ فترة برنامج يسمى كاستينج أبطاله هم مجموعة من الشباب المحبين للتمثيل والباحثين عن فرصة لإظهار مواهبهم. البرنامج عبارة عن تحديات ومهام لإظهار قدراتهم التمثيلية المختلفة والتأكد منها على يد مخرجين ومدربين تمثيل يقيمون ما يقدمونه، ولفت نظري كيف كانوا يعرضونهم لمهام مفاجئة ومتسارعة حين يطلبون منهم تمثيل ردة فعل على موقف معين، وكل ثواني يعطون موقف جديد ليرون كيف سيتصرف الممثل ويعبر عنه، وعن نفسي وجدت أن الضغط لم يكن في صالح الممثل، فمن تقييمي الشخصي لم يعجبني كيف تعامل البعض منهم ورأيت أن ردود أفعالهم افتعالية ومصطنعة رغم أنها أعجبت الحكام، ولكن لا بأس، أنا لا أقلل من خبرتهم التي تفوقني بالتأكيد في هذا المجال، ولكن كمشاهد لو رأيت هذا في عمل حقيقي لم أكن لأكمله. عمومًا هذا البرنامج أثار فضولي جدًا حول صفات الممثل الناجح أو الموهوب، فهل شرط الموهبة أن يكون صاحبها قادر على تمثيل وتأدية كل ما يطلب منه؟ أم يجب أن ينتقي ما يناسبه حتى يكون مقنعًا لنفسه وللآخرين، ففي رؤيتي الخاصة أرى أن الممثل يجب أن يكون رابطة مع الشخصية التي يؤديها، هذه الرابطة إما تقوم على التفاهم أو التعاطف أو الدعم والتأييد ومن ثم سيستطيع الممثل أن يؤديها بإقناع.
الممثل الناجح هو من يمكنه أن يمثل أي دور أو من ينتقي ما يناسبه من أدوار؟
فهل شرط الموهبة أن يكون صاحبها قادر على تمثيل وتأدية كل ما يطلب منه؟
الموهبة بالأساس تكون خاصة بشيء محدد وليس في كل شيء، ليس في التمثيل فقط عموما..
لذا قد نقول، تتطلب ان يكون صاحبها قادرا على تمثيل وتأدية كل ما يطلب منه في نطاق الشخصية أو الدور الخاص الذي يمتلك موهبة في تأديته، وليس كل الأدوار بشكل عام.. كأنك تطلب من ممثل لطالما لعب دور البطل المنقذ مثلا أن يتصرف فجأة بدور الاب الحكيم، هذا غير منطقي على ما أعتقد..
لكن كما قلتِ فأصحاب المجال أكثر خبرة منا، ويعلمون ما يفعلون، ولعل استخدامهم لهذا الأسلوب يبرر برغبتهم في اكتشاف الدور الانسب اللائق بالممثل لأنه في بدايته في اكتشاف موهبته..
يعني مثل الذي يجرب أشياء كثيرة فقط لكي يعرف ماهو أنسب شيء له ويملك موهبة أفضل فيه فيثبت عليه، هذا ما فكرت فيه والله أعلم، ربما لديهم حسابات أخرى غير هذا أيضا
بالنسبة للبرنامج فهو اختبار لقياس القدرات التمثيلية لهم بالأخص القدرة على الارتجال، وأعتقد أن لديهم دوافع أخرى تشمل تعوديهم على جو الضغط الطبيعي للمهنة، ولكن بشكل عام ما رأيته من أداء جعلني أشعر أن التمثيل لا يأتي بسهولة حتى مع أصحاب الموهبة فهم لا بد لهم من دراسة وتحليل الشخصية لفهمها والتفاعل معها والتحضير لها وبالتالي لا نتوقع من شخص مبتدأ حتى وإن كان موهوب أن يقدم باقناع شخصية ما أو دور ما يطلب منه فجأة بنسبة كبيرة بالتأكيد ستكون له سقطات لأنه لم يأخذ وقته في التفكير والتحضير النفسي والعملي للدور.
الممثل الناجح هو من يمكنه أن يمثل أي دور
تستفزني هذه العبارة جدًا وأتعجب ممن يرددها، فالممثل الجيد برأيي هو الذي يتمكن من فهم الشخصية بعمق، ويغمر نفسه في تفاصيلها الحسية والنفسية وليس مجرد تمثيل دور خارجي، بل هو من يستطيع أن يعيش ويشعر بكل جزء من الشخصية، ويتفاعل معها كما لو أنها جزء منه، فهو لا يتنقل بين الأدوار ببساطة، بل يبذل جهدًا كبيرًا في فهم دوافع الشخصية وطبيعتها لتقديم أداء واقعي ومؤثر، وأؤيد تمامًا فكرة أن ينتقي الممثل الدور الذي يتناسب مع قدراته واهتماماته، لأنه من خلال هذا الاختيار يمكنه أن يقدم أداءً متميزًا ومؤثرًا بشكل أكبر.
هذه العبارة أو هذا الرأي ينص على أن الممثل يجب أن يتمتع بكل القدرات التمثيلية التي تمكنه من تأدية اي دور فيجب مثلا أن يعرف كيف يعبر عن الحزن بشكل مقنع لكي يستطيع تأدية دور أب فقد أولاده، أو يجب أن تكون تعبيراته عند الغضب قوية حتى يستطيع تأدية دور مجرم لا يعرف الرحمة، وبرأيي لا مشكلة في ذلك لأنه ضروري أن يكون الممثل قادر على تأدية كل هذه المشاعر لأنه أيا كانت شخصيته أو دوره فسيتعرض لها جميعا ويجب أن يكون مقنعا في كل مرة، ولكن على أرض الواقع تجدين أن بعض الممثلين لا يستطيعون فعل ذلك فمنهم مثلا من لا يكونوا مقنعين في الدراما أبدا فبكائهم وانفعالاتهم مصطنعة وتخرج بصعوبة فلا تليق بهم أدوار تحتاج لهذه الملكة منهم، فالفكرة هنا هل هم من يجب أن يعملوا على أنفسهم حتى يتمكنوا من تأدية كل شيء أم يكفي لهم أن يقومون بما يبدعون فيه؟
فهل شرط الموهبة أن يكون صاحبها قادر على تمثيل وتأدية كل ما يطلب منه؟
الممثل الناجح ليس بالضرورة من يستطيع أن يمثل أي دور، بل هو من يستطيع اختيار الأدوار التي تتناسب مع قدراته وشخصيته. هناك ممثلون لديهم القدرة على تقديم أدوار متنوعة، لكن ذلك لا يعني أنهم سيكونون مقنعين في كل دور. في رأيي، يجب أن يكون هناك نوع من التوافق بين الممثل والشخصية التي يؤديها، هذا التوافق قد يكون ناتجا عن التفاهم أو التعاطف أو الدعم الشخصي. عندما يرتبط الممثل بالشخصية بشكل حقيقي، يستطيع حينها أن يؤديها بشكل مقنع، سواء لنفسه أو للجمهور. لذا، الموهبة وحدها ليست كافية، بل يجب أن تكون هناك علاقة حقيقية بين الممثل والشخصية لتحقيق الأداء الأفضل
لديهم القدرة على تقديم أدوار متنوعة، لكن ذلك لا يعني أنهم سيكونون مقنعين في كل دور. في رأيي.
ولكن هذا تناقض برأيي يا إسراء، إذا كان الممثل قادر على تأدية الدور لأن لديه الامكانات التمثيلية لهذا فسيكون مقنع، لأن القدرات هي ما تعطي الإقناع، فالقدرات التي نتحدث عنها تشمل القدرة على فهم الشخصية ورسمها في عقل الممثل ومن ثم هو سيؤديها بالطريقة التي ستقنع المشاهدين بها.
أفهم وجهة نظرك وأتفق معك في أن المهارات التمثيلية ضرورية ليتمكن الممثل من أداء الدور بشكل مقنع. لكن في رأيي، على سبيل المثال، تعتبر هنا الزاهد ممثلة متميزة بقدرتها التمثيلية، إلا أن شخصيتها المرحة والفكاهية تجعلها أكثر اقناعا في الأدوار التي تتطلب خفة الظل، بينما قد تكون أقل تأثيرا في الأدوار الجادة رغم براعتها في التمثيل. هذا يوضح ما قصدته سابقا
بالصراحة يا إسراء أنا لا أجدها جيدة في كلا الحالتين، هي لا تقنعني ولا تؤثر بي أيا كان الدور، هي تليق في الأدوار الثانوية أو البسيطة التي يمكنها فيها ألا تمثل. فقط تكون على طبيعتها كفتاة جميلة وثرية، وهذا رأي شخصي بالطبع كمشاهد ولكن يجعلنا نتساءل عن أهمية قبول الممثل لدى المشاهدين، فالبعض قد يمتلك قدرات تمثيلية جيدة ولا يحظى بالقبول والبعض الآخر يمتلكها بشكل ضعيف ولكن قبوله عند الناس يكون كبير.
بوجهه نظري اري أن السبب في أن بعض الممثلين يمتلكون مهارات تمثيلية قوية ولكنهم لا يحظون بالقبول قد يعود إلى عدة عوامل غير متعلقة بقدرتهم على التمثيل فقط. قد تكون هناك مشكلة في التفاعل مع الجمهور أو في نوع الأدوار التي يقدمونها. في بعض الأحيان، قد يكون الممثل موهوب لكنه يفتقر إلى الحضور القوي أو الشخصية الجذابة التي تجذب المشاهدين. بعض الأدوار التي يؤديها قد تكون متكرره أو غير مثيرة للاهتمام، مما يقلل من قبوله لدى الجمهور. أما بالنسبة للممثلين الذين مهاراتهم التمثيلية ضعيفة ولكنهم يحظون بقبول كبير، فهذا غالبا ما يكون بسبب جاذبيتهم الشخصية أو قدرتهم على التفاعل مع الجمهور بشكل جيد. الممثل الذي يمتلك كاريزما وحضور قوي يمكنه جذب الجمهور حتى لو كانت قدراته التمثيلية ليست متميزة. قد يكون لهم تأثير خاص، مثل الفكاهة أو الشخصية التي يتسمون بها، مما يجعل الجمهور يحبهم ويتابعهم بغض النظر عن مستوى تمثيلهم
الاحترافية في التمثيل أحيانا ما تتطلب دراسة أكاديمية ، والأكاديميات التمثيلية أو المسرحية في مرحلة التوجيه أو التدريبات تضغط على الممثل بطريقة أكبر مما في هذا البرنامج، الصدق ليس له علاقة بالاحتراف، الصدق عند الممثل في تطويع هذه الأدوات التي تعلمها بشكل صادق عندما يؤدي دوره، لو ضربنا مثالا بأنك صانع للنحاس ، فالتدريب والممارسة مهمين بالنسبة لك كصانع نحاس حتى تصنع آنيات نحاس جيدة، وليست لها علاقة بصدقك وحبك لعملك.
أعتقد أن الموهبة في التمثيل لا تعني بالضرورة القدرة على تمثيل أي دور يُعرض عليه، بل تعني القدرة على الاندماج مع الشخصية التي يؤديها بشكل صادق ومؤثر. الممثل الناجح ليس فقط من يستطيع تقليد المواقف أو أداء ردود الأفعال تحت ضغط، بل هو من يستطيع أن يتفاعل مع الشخصية التي يجسدها بعمق، من خلال التفاهم والتعاطف معها، مما يتيح له إظهار أبعادها بصدق وبراعة.
برنامج "كاستينج" قد يكون ممتعًا من الناحية الترفيهية ويظهر تحديات الممثلين، لكنه لا يعكس دائمًا ما ينبغي أن يكون عليه الممثل الموهوب. الضغط الناتج عن المهمات المفاجئة قد يؤثر على أداء الممثل ويجعله يظهر ردود أفعال مصطنعة، حتى لو نالت إعجاب الحكام. التمثيل ليس مجرد أداء تقني بل هو تفاعل إنساني عاطفي مع الدور. حيث ان السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل الممثل الموهوب هو من يستطيع أداء أي دور يُطلب منه، أم أن الموهبة الحقيقية تكمن في القدرة على اختيار الأدوار التي يشعر أنها تتوافق مع شخصيته وتجاربه بشكل أعمق وأكثر صدقًا؟
التعليقات