كنتُ في حديثٍِ مرةً مع واحد من أصدقائي حول الممثل الناجح، ما الذي يمكن أن يكوّنه فعلاً؟ أتاني بالكثير من الشروط التي شعرتُ بأنّها تُصيب عين الحقيقة ولُبّها، شروط أساسية لا يُمكن لأيّ ممثل تجاوزها، إلى أن وصل إلى الشرط الأخير الذي أخالفه الرأي به، أخالفه إلى حدّ كبير، إلى الحد الذي يجعلني أقول بأنّ ما قاله قد يُمثّل العكس تماماً، قد يُمثّل الممثل الفاشل، هو أن: يقدر الممثل على تأدية الكثير من الشخصيات على اختلافها

هذا الأمر برأيي هو ما يجعل الممثل فاشلاً، لا أحد في العالم قادر على تمثيل عشرة شخصيات مُختلفة بذات المستوى من الحرفية، أنا أومن بأنّ الممثّل يستطيع أن يتلقط شخصية أو اثنتين، نوع أو نوعين، يُتقنهم ويبقى فيهم إلى أن يعتزل هذا الفن، مثلاً لدينا آلباتشينو، هل رأينا قبل الأن ألباتشينو بدور أب مسالم حنون؟ لا أعتقد ذلك إلى اليوم، لن يدخل في هذه المعادلات، قال مرّات كثيرة: لن أمثّل دور لا أشعر أنني معنيٌّ به، متقن له، خاصّة الأدوار التجارية. ألباتشينو على عظمته، يضع لنفسه حدوداً وهذا أعتقد سرّه، هل هذه خلطة روبيرت دينيرو وتوم كروز؟ طبعاً لأ، بل على العكس تماماً، هل تلمّسنا الفرق بين نجاح الأوّل ونجاح الباقين؟ الحدود تصنع ممثلاً أكثر من رائع، هي تجعله يحوم ضمن اختصاصه.

هل تزور طبيب من أجل قلبك دون أن يتخصص بالقلبية؟ لا يمكن، وبالمثل لا تشاهد ممثلين لم يختصّلوا بنوع ما في التمثيل، يقول رود ستيجر الممثل الأمريكي الذي أمضى حياته في تمثيل الشخصيات غريبة الأطوار فقط وأوافقه مئة بالمئة على ما يقول: "سيكون التمثيل السينمائي أفضل بنحو 80 في المائة مما كان عليه مؤخرًا إذا قام الممثلون بواجبهم المنزلي ، إذا لم يكن لديهم غرور يأخذ حجم موهبتهم كأمر مسلم به" هذه المعرفة بحجم كل شخص لموهبته هي ما تجعله حريصاً على اختياراته، لا يُبالغ بتمثيل كل ورق يصل إليه.

أخيراً هل تتفق معي في فكرة الممثل الانتقائي أم أنت مع أنّ الممثل قادر على اتقان كل شيء بالتدريب؟