لا أعلم إذا كان الجميع لاحظ التشابه بين الفيلم المصري ليه خلتني أحبك لمنى ذكي وكريم عبد العزيز، والفيلم الأمريكي my best friend's wedding لجوليا روبتس، ولكن إن كنتم لم تشاهدوهم، فالقصة باختصار تدور حول فتاة تحاول تخريب حفل زفاف حبيبها السابق كي تعود له، وفي كلا النسختين تظهر الطرف الثالث كصديق يحاول مساعدة العروسين، ولكن في الكواليس هي تعدد الخطط لتفريق العروسين، ولكن الاختلاف عندما حلت النسخة الأجنبية المشكلة في النهاية بعدول الطرف الثالث عن أفعالها بعدما أدركت أن من تحبه لا يحبها ولن يعود لها، فسعت لإصلاح ما دمرته، في نهاية تبدو مثالية وسعيدة، أما النسخة المصرية فكانت أكثر واقعية برأيي حينما عرضت تظاهر الطرف الثالث بالتراجع ولكن في الداخل هي لم ولن تستسلم، وهنا أود نقاش هذه الحالة المعقدة للنفس البشرية حينما تحب بعمق، فمن جهة طبيعة النفس البشرية تدفعنا للأنانية والتفكير بالنفس أولًا، ومن جهة يدفعنا الحب نفسه للتضحية والتنازل لأجل سعادة من نحب، فمن الأقوى برأيكم الطبيعة البشرية أم الحب؟ أيا من الفيلمين تجدوه أقرب للواقع؟
الوجه الحقيقي للطرف الثالث في العلاقات ما بين تجسيد السينما العربية والأجنبية. أيهما أقرب للواقع من وجهة نظرك؟
ما يجعل النسخة المصرية أقرب للواقع هو التلاعب المستمر الذي يمارسه بعض الأشخاص، حتى بعد إظهار التوبة. الطبيعة البشرية تتسم بالصراع بين الأنانية والإيثار، لكن في الحياة الواقعية، نادراً ما تكون النهايات مثالية كالسينما الأجنبية. معظمنا يعيش في مناطق رمادية بين التضحية والمصلحة الشخصية... لكن هذا لا ينكر وجود من يختارون التضحية الكاملة بسبب حبهم الكبير "الصادق" للطرف الاخر الذي يجعلهم يفضلون رؤيته سعيدا حتى لو لم يخترهم..لكنهم قلة من يملكون هذه القناعة النبيلة.
ألا تعتقد أيضا أن الطرف المحل الصراع عليه هو المسبب الرئيسي للمشكلة بحيث يسمح لوجود الطرفين في حياته بدون وضع حدود واضحة، أي لماذا يسمح بوجود طرف ثالث من الأساس! من المفترض أن علم الشخص وهو مرتبط أن هناك شخصا آخر يحبه عليه بقطع علاقته به بطريقة ذوقية حتى يقطع الأمل منه ويمضي قدما في حياته ولا تتأثر علاقته بمن يحب، لكن هذه الحالات التي تسمح بوجود طرف ثالث في العلاقة أراها هي الأخرى تميل في مشاعرها أو تحب فكرة أن هناك شخص يحبها فتبقيه في حياتها وتعطيه إشارات مختلطة تستمد منها الأمل في محاولاتها.
بوجهة نظري المتواضعة أعتقد أن أفضل مثل لتطبيق فكرة الحب من طرف ثالث هي فكرة فيلم (غزل البنات) لنجيب الريحاني و ليلى مراد وأنور وجدي ، فهو أعظم تجسيد لحب لا يملك فيها الحبيب إلا أن يضحي ((مجبراً)) نعم كان مجبراً على التضحية لأن هناك فارق في العمر والمستوى الاجتماعي والثقافي (وكل عائق يجعل تلك القصة مستحيل أن تنجح) ومع ذلك كثيراً ما أتخيل نهاية مختلفة للفيلم ماذا لو تزوج البطل العجوز من حبيبته تحت تأثير الحب [الأبوي] المتدفق إتجاهها ماذا لو تزوجته بدافع الشفقة أو بدافع حيلة نجح فيها بالتفريق بينها وبين الشاب المناسب أكثر لها، حينها في كل مشكلة ستتذكر أختيارها السيء ، ستلومه على كل شيء .. ستفتعل حتى المشاكل لأنها بعد أن تفيق من غفوتها ستجد أنها تزوجت رجل يفوقها عمراً ويختلف عنها في كل شيء وفي الغالب لن يكون قادراً على تلبية كل أحتياجتها ، لذا أظن أن أي حب مبني على غريزة الامتلاك وهي طبيعة بشرية لن ينجح بشكل أو بآخر حتى من خلال تلك الأمثلة التي تفضلتي بطرحها من النماذج التي ذكرتها ، نظراً إننا في الحقيقة نحتاج لأن نتناغم مع من نحب ، والطرف الثالث في الحب دائماً هو الخاسر لكونه لم ولن يكون أبداً في عين من يحبه هو الطرف الثاني المكمل له.
أنا لا اختلف مع كل ما أشرت إليه ولكنني أجده ينطبق في حالة المثال الذي أشرت إليه فقط، حيث التضحية هنا وقعت نتيجة لبعض الظروف التي وجد الطرف الثالث أنها عيوب به ستفشل العلاقة ولن تكملها حتى لو وافق من يحبه على الارتباط به، وهنا التضحية كانت من أجل النفس وليس من أجل الحبيب، هو خشى على نفسه الألم ولم يخشى على حبيبه منه، أما في حالة الأمثلة التي طرحتها فكل الأطراف على نفس المستوى لا توجد عوائق سوى المشاعر، هناك طرفان يحبان بعضهما البعض وطرف ثالث دخيل يسعى لتخريب العلاقة ليفوز بقلب حبيبه، ومن هنا هو يسعى لكسب قلب حبيبه، أي أن يكون الطرف الثاني وليس الثالث، ولا يهمه الألم الذي سيتعرض له من يحب في البداية لأنه لا يرى سوى سعادته بالفوز به، والسؤال هنا هل يمكن للحب أن ينتصر على الطبيعة البشرية الدافعة للأنانية والتملك بحيث يفضل هذا الطرف سعادة حبيبه فيستسلم في محاولاته؟
حب الأمتلاك يا رنا هو مرحلة مهمة (بوجهة نظري) يجب أن يمر بها الحب وهي ليست مرحلة كريهة بالضرورة ولكنها الطريق الذي يجب على المحب قطعه ليفهم معنى الأمتلاك أولاً ثم يفهم بعدها أهمية التضحية ( أظن أنني برد سابق في موضوع مشابه قديم طرحتيه ذكرت هذا المنظور تفصيلاً لكن للأسف لا أتذكر أسم الموضوع نفسه) المهم ما أريد قوله هنا أن الحب إذا جمع بين طرفين فيجب عدم السماح بأي حال وبشكل جذري بوجود طرف ثالث بالمعادلة ، وبرغم ذلك دوماً تحدث مثلثات الحب للرجل والمرأة على حداً سواء ، ولكون الحب أعمى فالطرف الثالث سواء كان رجل أو أمرأة هو بالضرورة يمر بمرحلة (الرغبة في الأمتلاك لقلب من يحب) لذا يفعل أي شيء ويفسر أي شيء في ذلك الإتجاه وأحياناً ما ينجح إن سمح له الطرف الذي يحبه ببعض المساحة من التعبير ليحاول بخطط مدروسة أو فوضوية إستمالة من يحبه بتعويضه كل العيوب التي يلاحظها في منافسه ، وفي بعض النماذج الشريرة يعمد لتشويه منافسه (( فالحب بالنسبة له معركة وحرب أما أن يخسر أو يكسب)) لذا أجد أن الطرف الذي يمنح المساحة هو طرف خائن أو في إتجاهه للخيانة بعلم أو بدون علم .. لأنه سيتأثر غالباً بما يتعرض له من أهتمام .. لذا يعد الحل الوحيد المنطقي إذا تعرض أي رجل أو أمرأة من وجود طرف ثالث على حسم الأمر بشكل جذري ونهائي ودون أن يترك أي فرجة باب مفتوح إذا كان حقاً يحب شريكه أما إن كان بدأ بفكرة المقارنة حينها أنصحه بترك شريكه والتفكير في الطرف الثاني لكونه نجح بالفعل في أن يكون جزء من المعادلة.
لذا أجد أن الطرف الذي يمنح المساحة هو طرف خائن أو في إتجاهه للخيانة بعلم أو بدون علم .. لأنه سيتأثر غالباً بما يتعرض له من أهتمام .
هذا كان رأيي أيضا عند الرد في أحد التعليقات، فأنا أرى المشكلة في الطرف الذي يسمح بوجود الطرف الثالث من البداية، لأنه من يعرض علاقته الحالية للخطر، وآراه نوع من أنواع الخيانة لأنه رغم معرفته بمشاعر شخص آخر تجاهه إلا أنه ظل يتعامل معه ويعطي له مساحة من حياته ليستغلها كما يشاء، وهذا يكون بمثابة أمل للطرف الثالث حيث يشعر أن حبيبه طالما أبقى عليه في حياته فهناك فرصة بأن يستعيده أو يستميله إليه.
عندما أطبق الأمر على نفسي، أجد بأن الطبيعة البشرية تنتصر عندي، وكل حب فيه شيء من الأنانية. ولكن هل من الممكن أن أصل لحد أن أقول سعادة الطرف الآخر كل شيء مقابلي أنا لا أعلم. ما أعرفه حتى إن فعلت هذا، سيكون من باب شيء يفيدني وهو: لما أحب من لا يحبني وأقبل بمثل هذا. وفكرة سعادة الآخر نوع من إظهار الغيرية.
لما أحب من لا يحبني وأقبل بمثل هذا.
الطرف الثالث لا يفكر بهذه الطريقة فهو لا يجد المشكلة عند من يحب بل يراها في الشخص الذي يحبه حبيبه، وبالتالي يكون حل مشكلته هو التخلص من هذا الشخص لكي يعود له حبيبه أو يفوز بقلبه وعندها تتحقق سعادة كليهما مع بعضهما البعض، ويكون الطرف الثالث هنا هو بمثابة المنقذ لحبيبه الذي أخرجه من أحزان علاقته السابقة وأعاد له الحب من جديد، هكذا تعمل عقلية الطرف الثالث وإلا لما استمرت محاولاتها وسعيها لتخريب العلاقة رغم معرفتها أن من تحبه لا يحبها.
فهمت وجهة نظرك وهي صحيحة، خصوصًا عندما يبين هذا الحبيب أنه ليس سعيد فيأتي الثالث وكأنه المنقذ وكما قلت الذي يخرجه من أحزان علاقته. ولكن بالغالب يكون هذا الحبيب متحج ولا يستطيع ترك العلاقة أصلًا. ففكرتي كانت إن لم يكن الحبيب هذا يختارني ويضعني هو أيضًا مع خيار آخر. فلما أحاول في كل هذا؟
ونعم هناك فكرة أن الطرف الثالث هو من يخرب كل شيء. ولكن الحبيب هذا الذي سمح للطرف الثالث بأن يدخل بينهم وبين حبيبته أعتقد بأنه هو الشيطان الأكبر هنا.
قرأت من قبل أن حتى علميًا وتشريحيًا، نشاط الحب وتكوين المشاعر يعرض القشرة الدماغية المسؤولة عن اتخاذ القرارات المهمة والمعقدة للضعف والخلل، فبالتأكيد طرح الفيلم المصري منطقي أكثر، ليس حتى للسبب العلمي ولكن نفسيًا الإنسان لا يترك ما هو آثره بنفسِ طيبة أغلب الوقت. لكن بشكل عام رغم عدم اتفاق الاغلبية مع فكرة الفيلمين ولكنها مادة خام ممتازة لمن أراد تناولها بشكل كوميدي مثل بعض الأفلام الأخرى.
أعتقد أنه حتى إذا قررت التخلي عن من أحب في سبيل سعادته ففي داخلي رغم أن سعادته قد تدخل شيء من السرور على قلبي إلا أنني سأظل أتمنى لو كان هناك طريقة لنكون معا. أعتقد أن الفيلم الأمريكي يضع مثالًا مثاليًا يصعب تحقيقه دائمًا في الواقع، لأن السيطرة الكاملة على النفس ليست بتلك السهولة. لكن دفاعا عن الفيلم فقد أحاول إصلاح ما أفسدته بالفعل في مثل هذا الموقف وأظهر أنني سعيد وراض لكن لا أظن أنني داخليا سأكون متصالح مع تلك الفكرة
إلا أنني سأظل أتمنى لو كان هناك طريقة لنكون معا.
موقفك أكثر واقعية، وأعتقد أنه يعبر عن الطرف الثالث بشكل كبير فهو حتى وإن استسلم أو لم يتدخل إلا أنه سيظل يشاهد من بعيد آملا أن يحدث أي شيء يجعله محل الطرف الذي يحبه حبيبه، ولكن ما برأيك ما الذي يغذي هذا الأمل رغم عدم وجود أي مؤشرات عليه؟
في الواقع لا يوجد أي شيء حقيقي يغذي هذا الأمل. هو مجرد تمني لحدوث أي معجزة أو ما شابه تعيد الأمور لما كانت عليه سابقا. كما قد يبني الشخص سيناريوهات في عقله تبقي جذوة الأمل مشتعلة، فالخوف من الفراغ العاطفي يدفعنا للتشبث بأي أمل، لأنه أفضل من مواجهة الحقيقة القاسية بأن الأمور لا يمكن أن تعود لما كانت عليه
عن نفسي لم أشاهد النسخة العربية أو النسخة الأجنبية، بسبب قلة اهتمامي بهذا النوع من الأعمال الفنية، أو قلة الشغف بالافلام عموماً.
ولكن أؤمن أن وجود طرف ثالث بالعلاقة سواء لإصلاحها أو وجوده وهي مستقرة عموماً أمر له قدرة كبيرة على إفساد العلاقة، بسبب سوء تفكيره أو الارتباك الناتج عن توجيهاته وتواجده بالعلاقة.
وأرى أن العلاقات الناجحة هي التي يكون بها قدر كبير من الخصوصية ولا يكون مسموح لطرف غير طرفي العلاقة بأن يكون له دور أو تأثير.
التعليقات