في مقال لي بالعنوان المذكور، ضمن سلسلة (المنجزات السينمائية للعبقريات الإخراجية) أحاول فيها تتبع السياقات الرئيسية التي أطرت أعمال كبار المخرجين في السينما أو التلفزيون، رابط المقال أدناه
والمقال -إذا قرأته- محذوف منه فقرتين بطلب من المحرر
أن تكون آليا
يتطرق هذا العمل إلى الحد الفاصل بين أن تكون شخصا مخلوقا وأن تكون شيئا مصنوعا, الأولى تكون بيد الإله ويدب في جسدك الروح. الثانية تكون بيد البشر ويعمل جسدك بالطاقة. إنه قانون الشيئية,أي الفرق بين الأشياء والذوات,ولا يحمل البشر أي تعاطف تجاه الأشياء, إنها حتى ليست كائنات (فيها روح) مثل الحيوانات,بل هي مجرد آلات تم استبدال اللحم والدم بقطع من المعدن والمطاط,وتشغيلها بمجموعة من الأرقام التي تصنع العقلية المسماة بالذكاء الاصطناعي.
هذا عمل متفرد عن كل التحف المذكورة في القائمة,كونه متمثلا في مسلسل تلفزيوني (العالم الغربي Westworld 2016) وليس فيلم سينمائي. كما أنه ليس من تنفيذ كريستوفر نولان Christopher Nolan بل هو من تصميم وتطوير وإنتاج أخيه جوناثان نولان Jonathan Nolan وزوجته ليزا جوي Lisa Joy.
واحدة من أفضل تجارب الوعي الذاتي التي قدمها الأخوان نولان في مسيرتهما الفنية؛أن تدرك أنك مصنوع من قبل مخلوق آخر,ذكرياتك وأفكارك ليست إلا بيانات مصممة ومدخلة على عقلك المصنوع طبقا لمواصفات معينة تتيح للآخرين التحكم بك. وبالنسبة لك تتحول مفاهيم وجودية هامة إلى تجاه آخر,وتحمل تعريف مغاير لما كانت تحمله قبلا. مفاهيم مثل الإله والموت والوجود.
والسبب حسب وجهة نظر المحرر هو أن القارئ قد يعد هذه الفقرة حشوا زائدا لا لزوم لها، لأنها تنتمي إلى مخرج آخر تماما هو شقيق كريستوفر نولان، جوناثان نولان الذي يكتب أغلب النصوص السينمائية لشقيقه، ثم عمل رفقة زوجته بشكل مستقل لكتابة وإنتاج وإخراج مسلسل (العالم الغربي) الشهير والرائد في مجال الخيال العلمي، شخصيا كنت أعده أعظم مسلسل خيال علمي على الإطلاق لا ينافسه إلا مسلسل المرايا السوداء.
أن تكون معكوسا
في ظل تخوفات باندلاع الحرب العالمية الثالثة,تتكشف ظاهرة تشكل تهديد أكبر للعالم, ويتمثل خطرها في كونها تعكس الزمن أو تخلق بعدا موازيا يكون الزمن فيه معكوسا,فنرى الأشياء تحدث قبيل حدوثها أو تحدث بالعكس. والظاهر لنا أن الشيء الوحيد الأخطر على البشرية من إبادة نووية هو كارثة كونية. ويتم تخصيص وحدة تجسسية دولية في مهمة لمحاولة احتواء الموقف ومنع الحرب العالمية الثالثة. ويكون الفريق بقيادة (شخصية يؤديها جون ديفيد واشطنطن John David Washington) الذي يملك مهارات استثنائية وتجارب فريدة تعطيه الخبرة والقدرة اللازمة لمواجهة الأزمة. من التجارب التي مر بها نذكر حادثتين مهمين..
الأولى أنه واجهة ظاهرة الزمن العكسي أو البعد الموازي ذات مرة مما يكسبه معرفة غائبة عن رفيقه حين يسأله عن ما حدث فيجيبه بأنه لم يحدث بعد.
الثانية هي أنه مات وعاد من الموت,بغض النظر عن الكيفية التي تم بها الأمر,فإن موته يحمل تبعات تؤثر على مسيرته في الجاسوسية.
كما يشير العنوان (عقيدة Tenet) والبوستر والتريلر إلى أن البعد / الواقع الموازي ربما يحتوى عالما يكون كما المرآة انعكاس لعالمنا,ويوجد شبه تأكيد على أن القصة تدور حول أحداث تحدث في واقعين منفصلين ومتصلين,منفصلين في كونهما -أي الواقعين- يتحركان في إتجاهات معاكسة,ومتصلين في كونهما -أي الواقعين- مؤطران بنفس الزمكان Spacetime.
يحتوي الفيلم على عناصر من نظرية التطور Rebirth والسفر عبر الزمن Time Travel مغلفة بأجواء جاسوسية. وبالطبع على العناصر البصرية المسجلة باسم نولان خاصة مع ولعه في التلاعب بالزمان والمكان.
يقدم لنا نولان تحفته الجديدة (التي لم تصدر بعد) وفيها ثلاثة تجارب من الوعي الذاتي
1-أن تكون معكوسا
2-أن ترجع للماضي
3-أن تكون ميتا
سبب رفض المحرر هو أن الفيلم لم يكن قد عُرض بعد وقت كتابة المقالة، فمن أين لي أن أحكم!.