مؤخراً الكل يحتج، الكل يبدي آرائه، ننتبه إلى الجميع في أنّهم ما عادوا يقيّمون المسلسلات والأفلام العربية فقط بل صاروا يذهبون إلى ما هو أبعد من ذلك، صار الواحد منّا يبدي آرائه في جميع الأعمال الأتية من كل البلدان المُختلفة، وصرنا نحاول فرض ثقافتنا على الجميع، هل تذكر قصص مشابهة؟

معظمنا مثلاً بآخر فترة يحتج جداً على ما تبثّه قناة ديزني من مواضيع للأطفال ومحاولتهم لإدخالهم محتوى لا يناسب ثقافتنا نهائياً، محتوى جريء جداً، فمرةً المثليّة ومرّات علاقات، لم نتعوّد نهائي عربياً أن نرى ذلك في برامج أطفالنا ولذلك يحتج الجميع، أيضاً هناك نتفلكس، التي حاول الجميع أن ينتقدها في مسلسلين، الأوّل spy والثاني chernobyl وذلك لإنّهم صوّروا حقائق تاريخية بمنطق مختلف عن الحقيقة وحاولوا حصر مواقف تاريخية من وجهة نظرهم الخاصة عن تلك الحوادث هذا ما أثار حفيظة المنطقة العربية والكثير من المناطق الأخرى. 

لأختصر الأمر وأصل إلى مُرادي فوراً من كل هذا الحديث

اليوم أي مُصنّع لأيّ منتج، ما هي حقوقه فيه؟ الحق الأول والأخير سيكون: أن يُشكّل هذا المُنتج بالطريقة التي تعجبه وتناسبه وأن يبيعه بالسعر الذي يريد بناءً على ما يعتقد، هذا ما يعرفه الجميع، في أنّ السوق، أي سوق يمشي بهذه الطريقة، وأنّهُ لا يحق على أي مستهلك إغلاق المعمل لمجرّد أنهُ لم يُعجب بالمنتج، بل السلوك الذي يستطيع القيام به هو أن يرفض شرائه، أن يبتعد عنه.

اليوم أسأل: هل هذا ما نفعله فعلاً في تعاطينا مع الأعمال السينمائية والتلفزيونية الغربية؟ لا أعتقد نهائياً، إننا نُعامل هذه المنتجات وكأنّها رهن إشارتنا ومُعدّة خصيصاً لنا، وهذا غير صحيح وغير لائق بالمرّة، أن نحتج على أمور لم نصنعها وأن نطالب بإيقاف أعمال لا تعنينا وغير مُوجّهة لنا، والأسوء من كل هذا طبعاً أن يحاول بعضنا انتقاد عمل درامي غربي وهو يشاهده أصلاً مُقرصن، أي يسرق العمل ليُشاهده ولا يكتفي بالمشاهدة فقط، بل ينتقد ويطالب بإيقاف ما سرق أيضاً، وأحياناً يحصل كل ذلك بحجّة الأخلاق! 

لذلك أقول: لا يحق لنا أن نحتج على محتوى لم نصنعه، وأنت ماذا تقول؟