هُناك الكثير من الأعمال التي حملت رسالة أخلاقية أو ربما رسائل، كم هذا يُعزّي معشر الكثيرين، لكن هل هذا يُغذّي الفن فعلاً؟ بمعنى آخر هل الرسائل الأخلاقية أحياناً تحجب شمس الفنّ الحقيقية، تحجب النور الذي يُمتع ويُقنع لتقوم فقط بما يفعله الوعّاظ والكهنة ومدرّبي التنمية البشرية، أفعل ولا تفعل؟! 

لفن أسمى من أن يكون رسالة، فهو مرجع يحتوي على رسائل كثيرة وليس رسالة واحدة فقط، فالفن برأيي بحر كبير وعميق وبه مضمون ومحتوى وقصص ومواضيع مختلفة كثيرة لا يمكن حصرها برسالة واحدة، حين أقول هذا الكلام لا يعني أنني بأيّ حال من الأحوال أنكر وجود أفلام برسالة وكانت عظيمة التأثير على الناس، ولكن ما زال هُناك هاجس يتفوّق عليّ أحياناً، هل وظيفة الفن تعليمنا أم الترفيه عنّا؟

قد أبدو عدوّاً لأيّ رسالة أو حكمة مؤطّرة بالفن وذلك لا يعود طبعاً لكُرهي للرسائل والحكمة أينما وجدت إنّما لخشيتي على الفنّ ذاته من السقوط والإنحدار ليصير مصطفاً مع النظري من الأمور، مع المقالات والتنظير الثقافي أو بأحسن الأحوال الفلسفي، لا بُد أن يكون هُناك حل سهل وسطي في الأمر، أعتقد أن من يعمل في عالم الفن، يجب عليه الوصول إلى المعادلة الصعبة، وهي جذب أكبر عدد من المشاهدين، وفي الوقت ذاته تقديم عمل فيه مضمون ورسالة ولكن من مراقبتكم لجلّ الأعمال على الأقل في عقدها الأخير، هل تحققت كثيراً هذه المعادلة؟ 

هل رأينا أفلاماً استطاعت أن تجعل المُتعة مُنسجمة مع الحكمة أو التوجّه الأخلاقي بريثم عالي؟ أشكّ في ذلك. 

الفنان إنسان ويشعر بالآخرين، ولكن إذا قدم نصيحة مباشرة لن يتقبلها الجمهور، فالمباشرة برأيي إذ إن الزمن تغير ولا أتوقع أن باستطاعة الفنان أن يكون واعظاً ويقدم نصائح للناس، ولا أرى أن الأمر يستحق ليكون الفنان واعظاً، إلا إذا كان يجسد شخصية تاريخية ويقدم النصائح للناس ويعيد بها ذكر رسائل ذكرت من آلاف السنين على لسان عظماء وفلاسفة وبها حكمة

أخيراً، لا أنوي الاحتفاظ برأيي، أحبُّ أن تصوّبوا لي ما يَصعُب عليّ فهمه، هل فعلاً نحن نحتاجُ وعظاً في أعمالنا الفنيّة؟ برأيي هذه مضيعة الوقت، إلى الأن يُثبت لي الزمن أنّ المُتعة هي الأهم في كُل فن.