مما لا شك فيه أن سنة 1994 كانت سنة سينمائية ذهبية بامتياز، تم فيها إصدار أعمال من الأحب على قلبي مثل Shawshank Redemption و Leon the Professional و The Mask، إلا أنه من وجهة نظري، يبقى فيلم Forrest Gump الأروع من حيث المعاني الإنسانية فيه ومدى الأثر الذي يتركه في نفس المشاهد. فإن لم يتابعه البعض فقد فوت على نفسه أحد أروع الأفلام الملهمة. الفيلم مأخوذ من رواية حملت نفس الاسم للكاتب ونستون جروم.

فكي لا أحرق الأحداث على من لم يشاهده، يتناول الفيلم حياة فوريست غامب، صاحب الذكاء المتدني والذي يعاني من مشكلة في رجليه. وعلى الرغم من محدودية قدراته، لم تفقد الأم إيمانها بأن ابنها سيكون صاحب شأن عظيم في المستقبل ودعمته دعما لا مثيل له، وهذا ما حصل حقا. فأصبح فوريست يحقق النجاح تلو التالي بمحض الصدفة، فأصبح غنيا وقابل شخصيات عظيمة مثل جون كينيدي. 

ولكن فوريست لم يكن يأبه كثيرا بكل تلك النجاحات، فهو أصلا لم يكن يسعى ولا يخطط لها، فيكتشف مواهب لديه بالصدفة وينجح بالصدفة أيضا، وكان أكبر طموحاته الزواج من حب طفولته، كما كانت البراءة والبساطة تسيطر على أي فعل يفعله. 

فسرد قصة الفيلم هكذا تبخسه الكثير من حقه، لأن مشاهدته الفعلية تترك المشاهد مع الكثير من الأسئلة الفلسفية والحياتية، ولعل أهمها هو:"كيف يأتي النجاح؟" و"هل النجاح قدر مقدر للبعض؟". فكم من أشخاص حولنا، حالهم حال فوريست، قدرات متواضعة وغياب للتخطيط، ولكنهم يحظون بنصيب من النجاح أو على الأقل نوع من التيسير في الحياة. ومن جهة أخرى، يوجد أذكياء يسعون بجهد إلى تحقيق النجاح، ولكن الحياة تضع في وجههم العقبة تلو الأخرى. فسألت نفسي، هل هي أقدار من عند الله يملك هو حكمة فيها نعجز نحن إدراكها. 

فأنا أؤمن بموضوع القدر وإرادة الله في تسيير حياتنا، ولكنني أؤمن أيضا بعدلاته وبكوننا نساهم إلى درجة كبيرة في تلك الأقدار التي ترسم حياتنا، فأصبحت أراقب وأراقب، إلى أن توصلت إلى قناعة راسخة، ألا وهي أن صفاء وحسن النية هي أساس في التسهيلات والفرص التي تأتي في الحياة. وهنا لا أعني أن يكون الشخص جيدا فقط، بل أعني أولئك الذين يتمتعون بنظرة بريئة وبسيطة عن الحياة لا يكسوها أب طمع. 

فما رأيكم في هذا الموضوع؟ هل ينجح أصحاب القدرات المحدودة بفضل نواياهم الحسنة؟ وهل الجزء الأكبر من النجاح هو فقط ذكاء وجهد وحالة فوريست غامب هي مجرد خيال؟