أثناء كتابتي لعنوان المساهمة كنت أنوي التحدث عن شخصية الجوكر التي تعاني من أمراض نفسية دفعتها للعمل في دور الجوكر لإضحاك الآخرين حتى ولو كانت ضحكاته نابعة من آلامه، وتساءلت في العنوان هل يستطيع الإنسان استغلال مرضه للنجاة في مجتمع لا يعترف بوجود مرضى نفسيين فيه، ولكن فيما بعد شاهدت فيلم أخر يحمل نفس الاسم، ولكنه يسرد قصة مختلفة تمامًا جعلتني أتراجع عن شعور الشفقة الذي تسلل إلى خلاياي.
الفيلم الجديد عن شخص مريض نفسي تصيبه نوبات تجعله يضحك بشكل هيستيري، وكان المشهد الرئيس في الفيلم أو نقطة تحوله من شخص صالح لشخص عدواني هو ما حدث له في قطار الأنفاق حينما تلقى الضرب من كل ركاب القطار بعد نوبة ضحك هيستيرية أصابته، وقتها ظنّ الركاب أنه يستهزأ بهم.
وبعد ذلك قرر الانتقام من الجميع وقتل كل شخص يستهزأ به، واستطاع الهرب من الشرطة في النهاية حينما بدأ الجميع يرتدون نفس قناعه.
أنا الآن أعرض عليكم القضيتين، الأولى هل يستحق المجتمع أن نتنازل لأجله من أجل الاندماج معه حتى ولو كان الثمن استغلال مرضنا النفسي كما فعل بطل الفيلم الأول؟
والقضية الثانية سأتحدث فيها عن 3 محاور رئيسية، وهي:
1- التحول لكائن عدواني بسبب الظروف الخارجية
لا أقتنع أبدًا ان الظروف تستطيع تغيير البشر؛ لأن الكائن الضعيف فقط هو من تغلبه الظروف وتتحكم فيه.
2- طريقة تعامل المجتمع مع المرضى النفسيين
لا أستطيع نسيان مشاعري حينما اقترب مني سيف، شخص رائع من ذوي الهمم ،هذا الرجل الصغير أخافني وأنا لم أخاف من البشر قطُّ، ولكني خفت منه، أيّ نعم حاولت أن اندمج معه ولكني كنت خائفة من أيّ خطوة يخطوها تجاهي.
هذا جعلني أدرك حجم المأساة التي يعيشها المرضى النفسيين؛ فعلى الرغم من أنهم بكامل قواهم العقلية -لحد ما- إلا أننا نخشاهم وننظر إليهم وكأنهم قتلى متسلسلين... للأسف المجتمع لم يُعلم أفراده كيف نُحسن التصرف تجاه المرضى النفسيين وكيف نتعامل مع ذوي الهمم.
3- كيف تُحوّل المجتمعات جرائم القتل غير المبررة لظاهرة
طبعًا كُلنا أدركنا تلك الأزمة حينما ظهر فجأة طائفة من الشباب تتغنى بما حدث مع نيرة أشرف، ومع الأسف تخطت الظاهرة الحدود، وتكررت في فلسطين والأردن.
الفيلم الأخير يتناول هذا المحور حينما أتخذ المواطنين من قناع الجوكر، وشخصيته مثل أعلى لهم لتبرير العنف.
الآن هل أنتم مستعدين للمفاجئة؟ الفيلم الأول والفيلم الأخر هما في الحقيقة فيلم واحد، ولكني شعرت برغبة في مناقشة حال البطل في بداية الفيلم وحاله في نهاية الفيلم.
شخصية الجوكر ظهرت مرتين فقط حتى الآن، الأولى قام بدورها الفنان هيث ليدجر قبل وفاته مباشرة، والشخصية الأخرى هي بطلة مساهمة اليوم، ومن قام بدور الجوكر في 2019 -فيلم اليوم- هو خواكين فينيكس.
والآن أخبروني آرائكم أيمكن للمجتمع تحويل ملاك لشيطان؟ وهل أفراد المجتمع لا تستطيع تقبل الأخر لو كان مريض نفسي أو مختلف بأيّ شكل من الأشكال؟
التعليقات