كثيرٌ من المُهتمّين بكتابة السيناريو يقعون دائماً في ضبابيّة تمييز بين السيناريو الجيد وبين السيناريو الرديء سواء عند كتابتهم لنص خاص بهم أو حتى عند قراءتهم لنص يتعلّق بزميل لهم، إذا كيف نَميزُ الجيد من الرديء منه؟
يسأل أحدهم: لماذا قد لا أعرف نص على أنّهُ سيناريو رديء؟ ألا يُعرب عن نفسه من اللحظة الأولى؟
جوابي: غالباً لا يكون ذلك بالنسبة للكاتب المبتدئ الذي يَصعب عليه التمييز بين الصالح بصرياً والفاسد منه، أي أنّك من المُمكن أن تكتب عدّة مشاهد جميلة لكنّها في النهاية رديئة لا تصلح للتصوير البصري، قد تنفع ربما لرواية أو حتى لقصّة قصيرة.
إذاً هل هُنالك مُحددات أو أدوات تُعينني على التمييز ورفع سويّة النص الخاص بي؟
الجواب: طبعاً، هُناك العديد من العوامل التي تحكم طبيعة هذه العلاقة سأذكر منها … والباقي يمكننا أن نجده في العديد من الكتب والمحاضرات الموجودين على الإنترنت، الأن أترككم مع ما يجب أن تراه في النص الجيد:
- (يجب أن يكتب الكاتبُ فيه!) ما معنى ذلك؟ الكثير من المُبتدئين يقعون في هذا الغلط بشكل مُتكرر: أن يُملي على المخرج ما يجب أن يفعله، لا يُمكن بأيّ حال من الأحوال أنّ نتدخّل بطريقة الإخراج البصرية، نحن نكتب بصرياً، لكن لا يُمكن أن يُخرج ذلك أو نُملي على المخرج عمله.
- المشاهد المكتوبة يجب أن تُكتب مُدمجة بحس واحد، أي يجب أن تكون في نهاية الأمر كسلسلة موصولة باتصال متين، لا عبارة عن بناء يُركّب حجراً حجر، السيناريو المُركّب ضعيف، المشاهد الجيّدة هي تلك التي تشعر بأنّها وحدة واحدة وليست ومضات مُتقطعة.
- أن يحمل نظرة مُسبقة قبل الكتابة حتى، ما الذي نصنعه؟ إنّنا تصنعُ فناً. إذاً يجب أن نمتلك رؤيتنا الفنية قبل حتى البدء، يجب أنّ تتشكّل تلك الصورة ذهنياً قبل أن تتجلّى أبجدياً.
- لا نحل مشهد بمشهد، نعالج المشهد ذاته! ماذا أقصد بهذا؟ أحياناً نقع في مشكلة في مشهد مُعين (هنا أتحدث عن مشكلة تقنية في سياق القصّة) نظن أننا لا يُمكن أن نحلّها إلّا بتقديم حل لا يتناسب منطقياً مع صبغة القصّة أو الأسوء أن نحلّ ذلك العطب بتكوين مشهد يليه مباشرةً لا داعي له نهائياً إلّا لترقيع خرق ما صار في المشهد السابق، هذا الأمر يمكنك أن تلاحظه حين تقرأ كثير من السيناريوهات وتُشاهد الكثير من الأفلام.
- يجب أن يكون السيناريو بين المعنى والحدث، أي يجب على كُل فيلم أن يحمل قراءة للحدث وقراءة للمعنى الضمني الذي يحمله، لكن على كُل ذلك أن يكون متساوياً بطريقة فنية احترافية، دائماً ما كُنّا نسمع: هذا فيلم مُسلّي لكن سخيف تجاري، إذاً ليس به معنى ضمني، أو حتى سمعنا العكس: هذا فيلم ممتع لكنّه ثقيل على القلب، على المشاهدة، هذا أيضاً بسبب تكثيف المعنى بشكل أكبر من قدرة تحمّل الحدث ذاته.
أخيراً، هُناك قاعدة يجب أن تفهمها في الكتابة البصرية: دائماً نصّك رديء في المسودة الأولى، التعديل والتفصيل هي الأحجار الأساسية التي يستند عليها أي عمل فنّي مُتقن.
هل تعرفُ نقاطاً أخرى يُمكنك أن تُشاركها معي؟ وما هو الفيلم الذي شعرت بأنّ السيناريو الخاص به كانَ ضعيفاً؟
التعليقات