حينما كنت أشاهد فيلم jennifers body، وهو فيلم إنتاج عام ألفين وتسعة، شدني في مشهد من مشاهده فكرة قالتها البطلة وهي المتاجرة بالكوارث.

قصة الفيلم تتحدث عن صديقتين منذ الطفولة قررا حضور حفلة لفرقة بوب من الشباب في حانة، أثناء تلك الحفلة يشتعل حريق انتشر بسرعة بفعل الكحول، ومات فيه الكثير من زملاء الفتاتين، ثم انتشرت شائعات تفيد أن الفرقة الموسيقية ساعدوا الكثير من الناس، وبعد مدة قرروا القيام بحفلة تتبرع الفرقة بنسبة ثلاثة بالمائة من أرباحها لأهل المفقودين والمصابين في هذا الحفل، وهنا قالت الفتاة: وأين تذهب النسبة الباقية؟

ثم قالت لزميلاتها: أنا كنت هناك، لم يساعد هؤلاء الفتيان أحدا، ولا يفكرون بغير أنفسهم، لقد استغلوا الحادث ليكسبوا من خلفهم ويزدادوا شهرة، من كان يعرفهم قبل هذا الحادث؟.

عندها تذكرت مباشرة أني قرأت لكاتب مصري لا أذكره عن امرأة ألفت كتابا حول كيفية اجتيازها الأعراض النفسية لحادث الحادي عشر من سبتمبر، وقد انتشر هذا الكتاب سريعا نظرا لشهرة الحادث وقتها، فمن حضره وأهلهم اشتروه ليعرفوا كيف يتجاوزون ما حدث، ومن لم يشاهد الكارثة اشتراه ليقرأ عنها من شاهد عيان، وقد ربحت هذه المرأة الملايين من مبيعات هذا الكتاب.

لكن بعد مدة تفاجأ العالم كله حينما علموا أنها لم تكن في موقع الحادث أصلا، بل كانت في بلد آخر.

الحقيقة لا أذكر أين قرأت هذا الكلام هل قرأه أحدكم؟

لم يقف الإيحاء بهذه الفكرة عند هذا الحد، بل بعد مشاهدة الفيلم رأيت خبرا عن إلغاء حملة مزيفة لجمع التبرعات من أجل الممثلة أمبر هيرد لأنها لا تملك المال الكافي لدفع الغرامة.

بعد كل تلك الإيحاءات قلت يجب مناقشة الأمر مع أصدقائي في منصة حسوب. فما رأيكم فيمن يستغل الكوارث الإنسانية والحوادث الجسام ويتاجر بها لأجل الربح الشخصي؟

الكثير مما نراه حولنا يقع ضمن هذه الصورة، فبعض الذين يتولون حملة لجمع التبرعات لأجل طفل مريض أو مساعدة عاجز هم في الأصل يريدون مصلحة أنفسهم فقط، وقد ظهرت كثير نن القنوات الفضائية تدور جميع برامجها حول جمع التبرعات لمريض أو لبناء مسجد أو سبيل، وأغلبها في الحقيقة كاذب، بل إن التبرعات لا تذهب إلا لأصحاب هذه المحطات الفضائية.

هذه الصورة أراها بكل المقاييس صورة سيئة ولا يقبلها أي عقل.

لكن قد يرى البعض الصور الأخرى ما هي إلا ذكاء عمليا، المرأة التي ألفت كتابا لتبين للناس كيف اجتازت آثار أحداث الحادي عشر من سبتمبر استغلت الأحداث العصيبة قد تربح من ورائها، لكنها لم تضر أحدا، هي فقط استغلت حدثا لتنشر كتابا.

وما فعلته الفرقة الموسيقية بالفيلم -بعيدا عن باقي الأحداث فأنا لم أذكر في القصة إلا ما يهمني من أجل فكرة النقاش- قد يعتبرها البعض ذكاء منها أيضا، هي ستقيم حفلا، ستجمع فيه الكثير من الأموال لأن الناس يعرفون أن نسبة منها سيتم التبرع بها، والفرقة تأخذ الباقي، وربما لو لم تفعل ذلك لما استطاعت أن تكسب سنتا واحدا، ناهيك عن مدى الشهرة التي ستحصل عليها الفرقة، وفي نفس الوقت لم يضروا أحدا بخداعهم، فهم سيقدمون حفلا بالفعل.

لكن قد يرى البعض أن هذا أيضا صورة من صور النصب، وليس مجرد ذكاء، كما أن استغلالهم لكارثة قد حدثت يعد من أبشع الأمور.

والآن أخبروني أنتم.. هل ترون هذا الأمر ذكاء في استخدام الأحداث الواقعية أم ترونه نصبا واستغلالا؟ وماذا ستفعلون إن وقعتم ضحية لمثل هذه الأمور كأن اشتريتم الكتاب الذي يتحدث عن تجاوز حادثة برج التجارة العالمي؟