هل تستطيع السينما. وهل يستطيع فيلم مثل Munich أن يساهم بالفعل في حل القضية الفلسطينية؟

على الرغم من الشهرة العالمية التى يحوزها المخرج العالمي (ستيفن سبيلبرج) وأفلامه التى تثير دائماً ضجة مدوية عند صدورها فى المنطقة العربية، الا ان فيلم (ميونخ) الذى قدمه للسينمات العالمية، لم يحقق نفس الضجة التى حققتها باقى افلامه، واستقبلها العالم العربي بمزيج من الفتور او الهجوم الشديد، على الرغم من تميز الفيلم على المستوي الفني والسياسى فى أن واحد.

تحذير: مشهد عنيف

يبدأ الفيلم بمشاهد افتتاحية لقيام مجموعة من الفلسطينيين باختطاف البعثة الأسرائيلية المشاركة فى الالعاب الأولومبية عام 1972 وهى الأحداث الحقيقية التى هزت قرية الألعاب الأولمبية والتى اقيمت فى (ميونخ) بألمانيا فى تلك السنة.

يقفز الفيلم Munich فجأة لنهاية العملية، حيث نجحت قوات الأمن فى مطار ميونخ فى اطلاق الرصاص على العناصر الفلسطينية التى احتجزت الرهائن، فقاموا هم ايضاً بفتح النار على الاسرائيليين وقُتل اعضاء البعثة الاسرائيلية كلها بالأضافة للخاطفين الفلسطينيين فى تبادل اطلاق النار العنيف الذى حدث فى باحة المطار.

يستكمل فيلم Munich احداثه فيما بعد قتل الأسرائيليين فى (ميونخ)، حيث تقرر رئيسة الوزراء الأسرائيلية أنذاك (جولدا مائير) تكليف المخابرات الاسرائيلية (الموساد) بالقيام بعملية انتقامية من قادة العناصر الفلسطينية المسئولة عن الحادث.. وفى سبيل تحقيق مرادها يتم الاستعانة بظابط الاستخبارات (افنر) او (اريك بانا) والذى يتم تكليفه بقيادة مجموعة من القتلة المحترفين وخبراء المتفجرات والذين سيعملون بمعزل عن الموساد، ودون اي مسئولية سياسية او استخباراتية فى حال القبض على احدهم.

تحذير: مشهد عنيف

يستعرض الفيلم بجرأة، كيف قامت الموساد بعمليات اغتيال وتصفية لعناصر فلسطينية فى مدن وعواصم اوربية، ضاربة عرض الحائط بأي معاهدات او اتفاقات بين هذه الدول، وكيف استغلت اسرائيل الحادث لتبرر لنفسها استهداف افراد ليس لهم علاقة بعملية ميونخ من بعيد او قريب، ومنهم الأديب العربي (وائل زعيتر) والذى تم اغتياله فى روما عند مدخل شقته، انتقاما لعملية ميونخ على الرغم من عدم وجود اي علاقة بينه وبين العملية، فـ(زعيتر) كان يعمل فى مجال الترجمة والدفاع عن القضية الفلسطينية فى مجال الفن والأدب لا الحرب والقتال.

المشهد الرئيسي فى الفيلم او Master Scene يتمثل فى اللحظات التى يجتمع فيها مجموعة من الفلسطينيين بمجموعة القتلة الاسرائيليين فى احد المنازل الأمنة فى احد العواصم الأوربية.. استطاع (ستيفن سبيلبرج) اختصار الحل للقضية الفلسطينية فى هذ المنزل الصغير الذى يمثل الأراضي الفلسطينية، بينما تمثل الصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين فى الصراع على اختيار الاذاعة فى الراديو الموجود فى الشقة الأمنة.. الفلسطيني يريد اذاعة الاغاني الشرقية بينما يريد الاسرائيلي الاذاعة الغربية.. ينتهي الصراع فى الفيلم عندما يحسمه احد الموجودين باختيار اذاعة لاتينية تناسب اذواق الجميع!

على الرغم من بساطة الطرح الا ان (سبيلبرج) من خلال هذا المشهد يطرح الحل من وجهة نظره، وهو الامتناع عن العنف والعنف المضاد والعودة للمفاوضات السلمية والوصول لحد يرضي كل الاطراف من خلال الاتفاق على حل الدولتين، وهو الخيار السياسي الاكثر ملائمة للواقع والاكثر ارضاء لكل الاطراف.

على الرغم من النجاح الجماهيري للفيلم، الا ان ردود الافعال الاسرائيلية والعربية اتفقت على عدم تقبل الفيلم.. فقد رأه العرب مثالاً لفيلم ياتي من عباءة مخرج يهودي يسعي لأنشاء دولة أمنة للأسرائيليين على اراضي محتلة تعود ملكيتها كلها للفلسطينيين، بينما عاب اليهود على الفيلم انحيازه للفلسطينيين واظهارهم بصورة الضعفاء المهمشين المنفيين فى كل مكان فى العالم دون حق العودة لوطنهم الأصلي، كما عابوا على الفيلم اظهار التوحش الاسرائيلي وانتهاك الموساد كل الاعراف الدولية وانتهاك السيادة الاوروبية واتخاذها مسرحاً لعمليات تصفية حسابات وعمليات استخباراتية قذرة.

مر فيلم (ميونخ) مرور الكرام على الكثير من المشاهدين، خاصة مع عدم عرضه فى دور العرض العربية، الا ان محبى السينما فى كل مكان يعرفون القيمة الكبيرة للفيلم على المستوي الفني والسينمائى