في يوم من الأيّام استدعتني إدارة المدرسة أنا ورفاقي لإجراء لقاء تلفزيوني مع إحدى القنوات. كنّا في مدرسة من مدارس المتميزين، وكان هناك طارئ في البلد يُعطي الطلّاب فرصة إمتحان الدور الثالث، يعني إذا فشلت في المرّة الأولى والثانية، ستُمنح فرصة ثالثة.

هذه الفرصة ربما كانت تؤثر على سير العام الدراسي الجديد، وتعرقل جداول المدارس لأنّ الطلبة الراسبين يحتاجون مدارس ليمتحنون بها.

عمومًا تحمسّت للقاء، وكانت قناة مشهورة، قلتُ سأخبر أهلي اليوم أنّنا سنتعشى على صوتي وصورتي! وصلنا إلى غرفة الإدارة، وسألني المذيع عن هذا الموضوع: "كيف يؤثِّر الدور الثالث سلبًا عليكم كطلّاب؟" وقبلها نبّهني على بعض الأمور، لم أحب ما فرضه عليّ، فأعطيتُ رأيي الصريح: لا يؤثِّر الأمر على أوقات دوامي، سيجعل المتكاسل يقرأ المادّة للمرّة الثالثة، لا ارى الموضوع يؤثّر سلبيًا علينا.

قلتُ هذا وظننتُ أنِّي أعطيتُ كلمة النصر وخطاب الفتوح، لأتفاجئ بأنّهم قطعوا الكاميرا، أبعدوني عن اللقاء، وطلبوا طالبًا آخر يُعطيهم رأيًا ينسجم مع ما يُريدون عرضه في القناة.

السؤال بصفة واحدة

في دراسة كندية، سألوا عددًا من الناس، وكان السؤال يمتحور عن مدى سعادتهم من عدمها حول حياتهم.

هؤلاء الناس الذين كان سؤالهم "هل أنت غير راضٍ على حياتك؟" أجابوا بإجابات سلبية أكثر من غيرهم بنسبة تقارب الأربع أضعاف!

الذي يُستنتج من الدراسة، أنّه حين تُسأل عن شيء ويحوي السؤال على صفة عاطفية ما، فأنت أقرب لاستحضار تلك الصفة واستذكارها في أحداث حياتك.

إذا قلتُ لك: "هل أنت سعيد ورا حول حياتك؟" هناك احتمالية كبيرة أن تُجيب بايجابية.

أمّا إذا قلت: "هل أنت مبتئس ومُحبط من حياتك؟" ستكون أقرب للتفكير بالبؤس والإحباط في حياتك.

كيف نستفيد من نتائج هذه الدراسة في التسويق؟

قد تُستخدم هذه الخدعة ضدّنا في التسويق لفكرة ما، قد يسألنا أحد الممثلين عن مُنتج ما "ما مدى رضاك عن المنتج؟" أو يسألنا مُراسل قناة تلفزيونية: "كيف تؤثِّر امتحانات الدور الثالث سلبًا عليكم؟!"

يجب أن نتوقّى الأسئلة التي تروِّج لصفة عاطفية واحدة. سيكون من الأفضل أن يُصاغ السؤال بصفتين متضادتين: "ما مدى رضاك من عدمه عن المنتج؟"

بالتأكيد هذا إن تحدّثنا عن المفيد لنا كمستهلكين، لكن كمسوِّق، أرى أنَّ الفرصة مُغرية لاستخدام السؤال ذا الصفة الواحدة!