تبدو الأمومة دومًا منزّهة عن الخطأ، محاطة بهالة من القداسة تجعل مجرد طرح تساؤلات حولها يبدو كجريمة أخلاقية. منذ الطفولة، نُلقَّن صورة "الأم المثالية" التي تحب دون شروط، تضحي دون ملل، وتعطي بلا مقابل. لكن خلف هذه الصورة المضيئة، هناك تجارب كثيرة لأبناء عاشوا مع أمهات لم يكنّ بالضرورة مصدرًا للدعم أو الأمان، بل أحيانًا كانوا سببًا للجروح الأعمق في نفوسهم.
علم النفس يميّز بوضوح بين "الأم الداعمة" التي تحتضن نمو الطفل النفسي والعاطفي، و"الأم النرجسية" أو "السامة" التي تستخدم أبناءها كمرآة لذاتها أو كوسيلة لإشباع احتياجاتها العاطفية غير المحققة. في هذا السياق، لا تكون الأمومة مصدرًا للحب، بل ساحةً لفرض السيطرة، وشكلًا من أشكال التلاعب الخفي الذي يصعب على الأبناء إدراكه، لأن المجتمع لا يعترف به.
المؤلم في الأمر أن كثيرًا ممن نشأوا في بيئة غير صحية لا يستطيعون حتى الآن تسمية ما مروا به. إذ كيف يمكنك الاعتراف بأنك تعاني من علاقة مع أمك دون أن ينهال عليك سيل من الأحكام والاتهامات بالعقوق؟ كيف تقول إنك لم تشعر بالأمان معها، أو أن كلماتها كانت خناجر تتخفى في ثوب النصيحة؟
فكما لا نعفي الأب من النقد، لا يجب أن نستثني الأم من المساءلة فقط لأنها "أم".
هذه مساحتكم الآمنة، كيف كانت علاقتكم مع أمهاتكم بكل شفافية؟
التعليقات