لا تفشل التخصصات الطبية الحديثة نسبيًا أبدًا في جذب انتباهي، وهذا هو آخر ما اطلعت عليه، طب الشيخوخة أو Geriatrics. حين سمعت عنه للوهلة الأولى كنت أعتقد أنه تخصص بسيط يقوم على رعاية احتياجات المسنين وتذكيرهم بمواعيد الأدوية وما إلى ذلك. وخطر ببالي سؤال استنكاري ساذج، "ماذا يفعلون للمسنين إذا كان الجسد أصلًا يتداعى من تلقاء نفسه والخلايا تقل قدرتها على تجديد نفسها، وتحدث تغيرات كثيرة في الجسم من المستحيل أن يتم السيطرة عليها؟"

لكن تبين لي لاحقًا أنّه أعقد من ذلك؛ فأهمية طب الشيخوخة ليست فقط في معالجة الأمراض الجسدية المرتبطة بالتقدم في السن، بل تكمن أيضًا في فهم الأبعاد النفسية والاجتماعية والاقتصادية لحياة الأفراد المسنين، ومع تعرض المجتمعات في جميع أنحاء العالم لتحولات ديموغرافية وتزايد نسبة المواطنين المسنين، نجح طب الشيخوخة في اكتساب أهميته على نحو متزايد.

يشمل طب الشيخوخة أيضًا التركيز على التدابير الوقائية وتعديلات نمط الحياة وتعزيز بيئة داعمة لكبار السن لأجل "شيخوخة صحية"؛ فشّتان بين شيخوخة مليئة بالأدوية والألم وأخرى تقوم على نهج صحي ومتابعة طبية جيدة.

حينها أدركت فعلًا أهميته بعدما كنت أراه بشكل سطحيّ، وكلي اقتناع حاليًا بأنّ طب الشيخوخة ليس مجرد تخصص طبي؛ وإنما مسؤولية مجتمعية تضمن لكبار السن التقدم في العمر وهم محاطين بالرعاية ومُزودين بالموارد التي يحتاجون إليها.

فكيف نستطيع بشكل جماعي بناء عالم تُقابل فيه رحلة الشيخوخة بالتعاطف والتفاهم وتعزيز رفاهية الأجيال الأكبر سناً؟

وهل تجدون للموضوع أهمية إلى القدر الذي يجعل من رعاية المسنين تخصصًا طبيًا مستقلًا بذاته؟