هذه قصة سمعتها من فترة عن سيدة كانت لها زوج مريض بمرض مُعدٍ وحالته سيئة إلى أقصى درجة ويجب منع الزيارة عنه تمامًا، كان المرض قد بلغ منه ما بلغ. وكانت المسكينة ترغب في البقاء إلى جانبه، تشفق عليه وتتوسل إلى الأطباء بأن يتركوها لترعاه، ومهما شرحوا عن خطورة الموقف عليها لا تستجيب، هي فقط معمية إلا عن حبه والرغبة في مشاركته أوجاعه.
إذا كنت أنت الطبيب، فكيف ترى دورك هنا؟ هل تتعاطف وتتركها تزور الزوج وترعاه وتطلب منها التوقيع على إخلاء مسؤولية المستشفى، أم تجبرها على تركه رغمًا عنها؟
الزوجة رغم أصالتها ولكن زيارتها سيترتب عليها ضرر أكبر ، فالعدوى لن تكون في شخص واحد بل تكونفى شخصين ، وربما يتفاقم الأمر .
لذا يجب منعها من أن تأخذ العدوى وتكون مصدراً لها للأشخاص الأخرين سيكون هذا هو الواجب المهنى المطلوب للطبيب.
هذا صحيح جدا، الضرر لن يقع عليها هي وحدها بل على الكثيرين، ولكن لنقل أنها كانت تريد البقاء ولا مانع لديها أن تموت إلى جانبه؟ برأيي في هذه الحالة علينا أن نضع مشاعرها في الحسبان فهي بالفعل تعلم حقيقة وضعه وربما فقط تود أن تقضي معه أيام قليلة أخيرة قبل أن يودع كلاهما الآخر.
ليس من أهل هذا الزمان يا رغدة ، فلا يوجد من لديها الحب المتكامل لتفعل ذلك فالأمر فيما يخص الزواج صار مصلحة شخصية ووظيفية مهنية ونيش نرتبه لمظهرنا الخارجى ، وإن وجدت مثلها فيجب أن نمنعها من الموت لأنها ستكون عملة نادرة لا وجود لها فى هذا الزمان ، وهنيئاً لهذا الشخص بحبها وهنيئا لهما الإثنين ببعضهما البعض .
معضلتك ذكرتني بطبيبة متزوجة ولديها أطفال، واكتشفوا أن الزوج مصاب بالإيدز، وهي واثقة كليًا في أخلاقه، لم ترد أن تتركه أبدًا وأرادت أن تستمر بالعيش معه مع أخذ الاحتياطات الكافية من أجلها ومن أجل أطفالها، ولكن الأطباء نصحوها أن هذا صعب جدًا وأن الإصابة وانتقالها سيكون وارد جدًا، وطبعا علاج الإيدز يعني ليس بالكفاءة المطلوبة، هذه الحالة فعليًا أحزنتني جدًا، فهذا شخص أصيب بالخطأ ولا ذنب له في هذه العدوي، وبنفس الوقت وجودها بجانبه سيعني انتقاله لها ولأطفالها مع حتى الأخذ بالاحتياطات، وبالنهاية هو من ترك المنزل، وطلب منهم عدم زيارته ولم يخبرهم بمكانه، فقط يتصل ليطمئن عنهم ويطمئنهم وأخبرهم لن أعود حتى أصبح سليم تمامًا.
حتى الطبيب عندما يوضع في موقف مشابه، قد يتوقف عقله ويضرب بكل قواعد المهنة عرض الحائط في سبيل لحظات إلى جانب أحبابه.
وهذه القصة التي ذكرتيها مثال، فالابتعاد لم يأتِ من الزوجة التي هي طبيبة وعلى علم بأمور العدوى والاحتياطات والاجراءات التي يجب اتخاذها بل جاء من زوجها. في الواقع لا أستطيع أن أرى هذا الأمر ١+١=٢.. دائما هناك حل أوسط بديل للتطرف.
بناءً على ما جاء من نصح في الحديث النبوي الشريف عن العزل و أهميته و هذا ما اكتشفناه و لامسناه في عام ٢٠١٩ في بداية جائحة فيروس كورونا أو COVID-19 Pandemic ، أظن أن الحل الأمثل هو عزل المريض و إبقائها -زوجته- بعيدة عنه و ذلك لأن المرض معدي، العدوى لا تقف منفردة على فرد معين أو جماعة صغيرة، لكنها تتسع في رقعتها حتى تصبح وباءً ثم جائحة.
و لا مكان للعاطفة هنا!
بناءً على معلوماتي في الصيدلة و الصحة العامة، فإن التعاليم الوقائية بالنسبة لMicrobiology in infection and disease control فهي تنص أولًا على التعقيم ثم يأتي العزل في المرتبة الثانية و لا يقل أهمية عن التعقيم ( فنحن نقوم بالتعقيم تجهيزًا لعزل صحي ذو وقاية عالية ) و هذا يمنع تفشي الأوبئة و منع حدوث مرحلة الجائحة.
و لا أتخلى عن طرف الزوجة من هذه القصة، لكن لا مكان للعاطفة، و ان احتاجت للعلاج النفسي بعد ذلك إن تطلب الوضع - بحدوث trauma - فسيكون خيارًا أفضل من "قتلها بعدوى / كأنها منتحرة لأن علمها يعد حجةً عليها" .
قال تعالى : {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، و لعل قوله تعالى رأي قاطع في هذه المسألة.
مرحبا رهف.
ونعم بالله، ولكن هذه المرأة معصور قلبها على زوجها، وقد تكون أيام معدودة وتفارقه، أليس هناك حلا وسطيا تستطيعين أن تجدينه كطبيبة؟ نحن لسنا آلات :(
لم أجد حلًا أفضل للأسف، كل الحلول ستكون مؤلمة و علينا اختيار القأل ألمًا و الأقل خسارة في هذه الحالة. و لو كنت مكانها لانهرت نفسيًا لا أخفي عنك ....لكن يوجد الله، و لا تخلو أيدينا من الدعاء بالتهوين و الرضا.
لو كنت انا الطبيب لاعطيتها ملابس معقمة وعلمتها كيفية الاحتياط وسمحت لها بالدخول.
لأني أعرف شعور المريض الذي يحبس في العنايةوشعور المحب المشفق الذي ينقطع قلبه مئات المرات خارج هذه الغرفة .
ما كنت لأمنعها بل سأدعمها إلى أقصى حد.
احدى معارف العائلة أصيب والدها بوباء كورونا مكثت جواره في العناية حتى توفاه الله، ولم يصيبها شيء.
الاحتياط واجب والله خير الحافظين.
أحب الشخص الأصيل في حبه الذي لا يتخلى ويبقى بجانب شريك حياته لآخر لحظة. لكن في هذه الحالة لو كنت مكان الطبيب سأحاول منعها من الإقتراب وليس أن امنعها من التواجد معه ولكن بألا تقترب منه ومن بعيد فقط وأخذ الاحتياطات اللازمة، ليس لأنني لا أراعي حالة الزوجة ولكن حرصًا عليها ولو كان وجودها سيغير من حالته ممكن ولكنه لن يزيد إلا مرضها، ودوري كطبيب أن امنع هذا من أن يحدث.
ولو كان زوجها يستطيع أن يتحدث سيخبرها بنفس الشيء لأنه لا يرغب لها السوء.
نعم غدير هذا هو المقصود، ألا نجنب مشاعر الأشخاص ولا نراها وكأنها غير موجودة، في الواقع إن أجبرت المرأة على الابتعاد التام فهي ستموت أيضا، ستموت من الحسرة على زوجها، في الحالتين ميتة.
فالحقيقة كنت سأجبرها بأن لا تزوره اعلم أن حبها له كبير وانه زوجها وشريك حياتها ولكن في هذه الحالة يجب كأطباء آن نفعل الصالح العام وليس الصالح الفردي بمعني أننا اذا تركناه فإن هذه السيدة ستصاب بالعدوة وحينها يمكن أن تموت هي ايضا في هذه الحالة من سيربي أولادهم و أولادهم لهم حق عليهم بالإضافة انها عندما ستصاب بالعدوي يمكنها أن تنقلها لأولادها وبالتالي الأولاد سيتضرروا ويمكن أن ينقل الأولاد العدوي أينما ذهبوا إلى المدارس أو الجامعات فتخيل معي حجم انتقال العدوي لأننا تساهلنا مع الإمر في البداية وأكرر أن اعلم انها تحب زوجها وليس من السهل أن تكون بعيدة عنه ولكن دخولها إليه لن يحسن حالتها فالأطباء بنفسهم فعلوا ما في أيديهم لذلك في هذه الحالة يجب العزل للزوج ومنع الزيارات وذلك حتي نضمن أن العدوي لن تنتقل وبالتالي سنكون حافظنا علي الام و الأولاد وعلي المجتمع من خطر مرض معدي
هل تتعاطف وتتركها تزور الزوج وترعاه وتطلب منها التوقيع على إخلاء مسؤولية المستشفى، أم تجبرها على تركه رغمًا عنها؟
أظن أنه لا ضير من وجودها إن كان هناك معدات وقائية يمكن تزويدها بها تحول دون انتقال العدوى لها. الطب مهنة إنسانية في المقام الأول، وما يميز الطبيب هو أنه وعلى الرغم من معرفته بكافة المعطيات وكل تلك المعلومات التي درسها إلا أنه لا يستطيع إلا أن يظهر تعاطفه مع مرضاه.
إذا كنت أنت الطبيب، فكيف ترى دورك هنا؟ هل تتعاطف وتتركها تزور الزوج وترعاه وتطلب منها التوقيع على إخلاء مسؤولية المستشفى، أم تجبرها على تركه رغمًا عنها؟
القرار قرارها لكن عليها توقيع الالتزام ليس فقط بإخلاء المسؤولية بل حتى بقائها في الحجز حتى لا تصيب أشخاص آخرين، لا يمكننا إرغامها على عدم الاعتناء بزوجها غذا هي أرادت ذلك، لكن في المقابل علينا حماية الأشخاص الآخرين.
التعليقات