مارس المشي قبل تعلم أي شيء ولاحظ ارتفاع قدرتك على الاستيعاب

كتب فريدريك نيتشه امض أقل وقت ممكن في الجلوس ولا تصدق أي فكرة لم تولد من الحركة وفي الهواء الطلق _فكرة لم تعربد فيها العضلات. فكل التعصبات تنبع من الأحشاء، فالجلوس في مكان واحد (أقول مرة اخرى) هو الخطيئة الحقيقية في وجه الروح المقدسة. كان نيتشه وفيًا للمشي ولم ينقطع عنه إلا بسبب انهياره في نهاية حياته وقد كتب ذات مرة أنه فيلسوف يفكر بقدمه، ولم يكن مجرد راحة من التزامات الحياة بل اعتبره وسيلة تدفعه إلى التفكير بحيوية وتطلق خياله وترتب أفكاره وعقله. أيضًا فيلسوف أخر هو كانط كان يشغله في حياته بخلاف القراءة والكتابة شيئين هما الأكل ووقت المشي، وظل يسلك طريقًا واحدًا حتى سمي "طريق الفيلسوف" تكريمًا له. بعيدًا عن الفوائد الصحية، أجد في المشي حرية من أعباء التفكير والهم، يحرك مشاعرنا ويدفع عقولنا إلى البحث والتأمل والمراقبة، وإذا كنا نمشي بجوار منظر طبيعي سنمتع أعيننا وإذا كنا في منطقة قديمة سنشعر مثلما شعر بودلير في جولاته أو فالتر بنيامين في مدحه للتسكع، غالبًا لكل إنسان فلسفته الخاصة ومتطلباته من المشي، لكن من المؤكد أنه يجلب لنا راحة ويحررنا من الاتجاهات المحددة سلفًا بأن نمضي دون وجهة فنجد أنفسنا في نهاية الجولة

أحب ما يقول الفيلسوف الفرنسي فردريك كرو في أنّ الكثير والكثير فعلاً من الكّتّاب أجادو حبكة رواياتهم وكتبهم فقط حين مشوا، حين تنقّلوا مشياً على الأقدام وحدهم دون أيّ ضوضاء أو هدف لهذا المشي، هو المشي والتفكير فقط، ويبدو أنّ كثير من الأدباء بشكل خاص والعلماء والمفكّرين والناس أيضاً تكلّموا عن فضيلة المشي، هناك نعم من وصل به الأمر في تتيّم المشي وعشق نتائجة في أن أسماه فضيلة، ولا زلت أتذكّر إلى اليوم تلك العبارة التي قالها الكاتب الروسي العظيم فيودور دوستويفسكي في روايته الأحلى الجريمة والعقاب، "يجب التفكير على وقع الخطى، أما الأسقف الواطئة والغرف الصغيرة تخنق الروح والعقل" وهذا ما يحدث فعلاً لكل من جرّب وخاصّة لكل من مارس الكتابة، يبدو أن المشي ما زالت به الكثير من الأسرار التي يجب على الإنسان المهتم بنفسه ومحيطه مطالعتها.

بالنسبة لي المشي في حد ذاته تجربة كاملة استفيد منها جدا ولعل تعودي منذ صغري المشي علي كورنيش النيل في الصباح والجلوس امام النيل والصمت والهدوء مع نسمات الصباح ، كلها تجارب مميزة لي تساعدني جدا علي الامور الابداعية

من أين يمكن أن نبدأ فى فوائد المشي ، هناك فوائد عديدة ربما تكون معروة للمشي ربما يكون من أهمها الحفاظ على الوزن أو ربما المساهمة فى إنقاص الوزن ، ومرضى السكر تحديدا ، يوصف لهم المشي المنتظم كإجراء علاجي لابد من إتباعه خاصة لما يقوم به من رفع الأيض ، وهناك أيضا الفائدة الخاصة بالحصول على المعدل الكافى من فيتامين "دال " أو D وهو الأمر الذى يحدث عندما نتعرض لأشعة الشمس بوقت كافي ، فاللأسف ساهمت أنظمة الحياة الحالية فى التقليل من نسبة تعرضنا للشمس وبالتالي حصولنا على النسبة الكافية من الفيتامين التى يحتاجها الجسم .

وفى ظل الظرو ف الأقتصادية الحالية ربما يكون المشى وسيلة مناسبة لتوفير النقود التى يتم صرفها فى المواصلات .

فى كتابه " إخفاق الإتصال " يتحدث الكاتب يوهان هاري على أهمية إعادة تواصلنا مع الطبيعة من حولنا ، وكيف أن هذا الأمر يساهم فى الحد من الإصابة بالإكتئاب ، لذا فنحن نحتاج إلى إعادة لك الصلة بشكل جيد ، وربما كان المشي أحد الطرق التى يمكن أن نستخدمها للتأمل فى الطبيعة وإعادة تواصلنا معها .