يحكي أن نسوة في عالمنا هذا تنتفخ بطونهن كما لو كان هناك حمل بها والغريب أن بعضهن يكن عذاري، والأغرب عندما يضعن حملهن هذا ويجدن أنه لم يكن المحمول به طفلا بل شئ من عمل الشيطان، كيس من جلد يحوي بداخله شعرا وعظاما وأسنانا وقد يحتوي على أجزاء من أعضاء داخلية أخري، فيأتي حكماء القوم ليقولوا لابد أن وطأها الشيطان وهذا نتاجه.....

اعلم أنك لو صدقت هذا الكلام دون أن تجد في نفسك ولو شئ قليل من الانكار فأنت في خطب عظيم، فمثل هذه الكلمات لا تعلو الا عندما يغيب العقل ويلجم العلم ويضعف الإيمان.

ان الرواية السابقة تحكي عن نوع من أنواع الأورام يسمي الورم المسخي (Teratoma) وقبل أن نخوض في تفصيل هذا المرض، والذي لا يتجاوز كونه مرضا، نود أن نمهد بأن نقول أن جسد الانسان يحتوي علي خلايا جسدية وهي خلايا تامة التمايز (لاتعطي نوعا آخر في المستقبل) مثل خلايا الجلد والكبد وغيرهما وخلايا جنسية وهي غير كاملة التمايز لانها لها القدرة علي تكوين انسان كامل بعد ان تنتج الحيوانات المنوية في الرجل والبويضات في المرأة، بالطبع بعد عملية الاخصاب، ولكن اذا حدث خلل أثناء عملية الانقسام في اطوار التمايز المختلفة لهذه الخلايا ولم يمكن السيطرة عليه فانها تعطي أنواعا مختلفة من الأورام تسمي أورام الخلايا الجنسية والتي منها هذا الورم المسخي.

فما هو الورم المسخي هذا : إنه نوع نادر من الأورام التي يمكن أن تحتوي علي أنسجة أو أعضاء كاملة النضج مثل الشعر والأسنان والعضلات والجلد وغيرهم، ومن الممكن أن يوجد في حديثي الولادة والاطفال وحتي البالغين ولكن يزيد شيوعه في الاناث أكثر منه في الذكور وقد وضحت بعض الابحاث ان نسبة اصابة الاناث للذكور هي 4 الى 1 على الترتيب. أما عن الأماكن من الجسد التي يظهر فيها هذا الورم فهي المبيضين أو الخصيتين و الأشهر أن تظهر في منطقة (العصعص) كما يمكن أن تنشأ في أماكن اخري ولكن هذا نادر جدا.

ولهذا الورم أنواع :

فمنها ما يسمي بالورم المسخي الناضج والذي في العادة يكون أوراما حميدة، والناضج هذا له أنواع فقد يكون حويصلي أو كيسي و قد يكون مصمت يتكون من انسجة فقط ولا فراغ فيه أو قد يكون خليطا من النوعين.

والنوع الثاني يسمي بالورم المسخي الغير ناضج والذي يميل الى أن يكون ورما خبيثا.

وأعراض هذا الورم تختلف باختلاف مكانه فمثلا عندما ينشأ في مكانه الشائع وهو منطقة( العصعص) وبالخصوص في حديثي الولادة والأطفال يعطي آلاما في البطن وعند التبول وضعف القدمين وتورم منطقة العانة والإمساك المزمن.

وعندما ينشأ في المبيض فانه يعطي اعراضا مثل آلام بمنطقة الحوض والبطن كما أنه في بعض الاحيان يتزامن وجوده مع حالة من التهاب الدماغ نتيجة وجود أجسام مضادة مناعية ضد بعض المستقبلات الموجودة علي خلايا المخ فتظهر اعراض اخري مثل الصداع والهلاوس والارتباك وغيرها من التغيرات النفسية.

أما إذا أصاب هذا الورم الخصية فانه يعطي شعورا بوجود كتلة أو انتفاخ الخصية كما انه من الممكن ان لا يعطي أية أعراض.

وعن الطرق العلاجية لهذا الورم فانه عادة ما يكون التدخل الجراحي هو الحل الأمثل لازالته، ومن الممكن يعود مرة أخري في بعض الحالات، كما قد تحدث بعض المضاعفات كما هو متوقع في أي عملية جراحية، وعن العلاج الكيماوي فإنه لا يعول عليه كثيرا في حالة هذا المرض.

وفي الخلاصة ان هذا الورم ليس الا مرض من الأمراض ولا يجب تحميله ما لايطيق من الخرافات كما أنه نادر الحدوث ولقد تطورت سبل علاجه كثيرا في الآونة الاخيرة، ولو قسناه على مقياس الخطورة مقارنة بالاورام الاخري فسنجد أن أمره هين ولا يبعث بكثير من القلق.

والقاعدة : ان مرضت فسأل الله الشفاء واذهب للطبيب وفقط.