عنوان صادم، أليس كذلك؟ ولكن قبل الخوض في تفاصيله علينا بتوضيح بعض الحقائق عن الماء، ذلك المركب الذي بفضله نشأت وبه تستمر الحياة علي هذا الكوكب، والبشر كسائر المخلوقات لا يستطيعون أن يحيوا بدونه سوي لبضعة أيام، ولم لا فالجسم البشري يشكل الماء 60% من تكوينه كما أن الدماغ وحده يحتوي على 75%منه ماءا، ولكن أين يوجد كل هذا الماء في جسدنا، باختصار وببساطة دون الخوض في التفاصيل نستطيع أن نقسم تواجد الماء فينا الى قسمين، القسم الأول وهو الموجود داخل الخلايا ويمثل 40%من وزن الجسم، والقسم الآخر هو الموجود خارج الخلايا ويمثل 20%من وزن الجسم، لكن ذاك الاخير ينقسم هو الآخر الى جزئين، جزء متواجد خارج الخلايا وكذلك خارج الجهاز الدوري ويسمي بالسائل الخلالي، أي يتخلل الفراغ بين الخلايا والأنسجة، ويمثل 12% الى15%من وزن الجسم، والجزء الآخر بالطبع هو الموجود داخل الدورة الدموية والذي يعرف بالبلازما ونسبته 5% من وزن الجسم.

والسؤال الآن هو كيف لا تطغي هذه الأقسام علي بعضها؟، أو بمعني آخر كيف لا يخرج ماء الخلايا للخارج أو لما لا يحدث العكس؟، حسن، الإجابة تكمن في كلمة التوازن، والتوازن القائم هنا يحدث بفضل الأملاح المذابة في هذه السوائل وعلي رأسهم الصوديوم Na حيث يحتوي الجسم علي حوالى 135-145mmol/l، ولكن ما أهمية هذا التوازن؟ ان هذا التوازن يوفر البيئة المناسبة والتركيزات المنضبطة للانزيمات المشاركة في عمليات التمثيل الغذائي في كل الجسم، وهذا التوازن محفوظ بعوامل عدة، أهمها، الوظيفة التي تؤديها الكليتين لحفظ تركيزات الأملاح في سوائل الجسم.

هذه معلومات مختصرة عن فسيولوجية الماء في الجسد،ولنعود لموضعنا بهذا السؤال وهو، ما القدر هو الكافي من الماء لنشربه  وكيف يمكن أن يتحول الى سم كما زعمنا؟

حسن، إن القدر الكافي من الماء المطلوب أن تشربه في اليوم يقع ما بين 2.5 لتر الى 3 لتر أو يزيد قليلا، وهو إن لاحظت يساوي متوسط ما تفقده من الماء في يومك، ولكن هل تدرك أنك لو شربت هذه الكمية من الماء على دفعة واحدة أو إن شربتها في أقل من ساعة واحدة فانك سوف تدخل نفسك في ما يعرف بالتسمم المائي، ولكن ما هو هذه التسمم المائي؟ لقد تحدثنا عن تقسيمة الماء وتوازنه بداخلنا، فلنشرح عليها هذا التسمم، انك إن شربت هذه الكمية الكبيرة في وقت قليل فانك سوف تزيد كميته في الجزء الموجود خارج الخلايا لكن دون ان تزيد كمية الأملاح فيه وبالتالي فان تركيزها يقل، وبالتبعية يختل التوازن القائم بينه وبين السائل داخل الخلايا فيكون تركيز الداخل أكبر مقارنة بالخارج وبالتالي فان الماء يبدأ في التسرب الى داخل الخلايا فيزداد حجمها وتقل تركيزات المواد الموجودة بها وهو ما يؤثر على عمليات التمثيل الغذائي في الجسم والأخطر تأثيره علي الدماغ ووظائفه، ولكن لقد قلنا أن الكليتين شغلهما الشاغل هو الحفاظ على هذا التوازن فلم لا تتخلصان من هذا الماء الزائد؟!، نقول في ذلك أن لكل شئ حد وأقصي ما تستطيع الكليتان اخراجه من الماء في اليوم هو من 20الى 25 لتر أي ما يقارب 1 لتر في الساعة الواحدة، وبالتالي فان زاد الداخل عن المقدار الخارج فان الماء يتراكم في الجسم وتحدث عملية التمويع هذه.

وأعراض التسمم المائي كالتالي : آلام الرأس، الشعور بالغثيان والدوار، الشعور بالتعب والاجهاد، تقلصات عضلية أو ضعف العضلات.

وتزداد احتمالية حدوث ذلك عند شرب الماء بكميات كبيرة عند القيام بالتمارين الشاقة المستمرة لفترات طويلة مثل الجري، حيث يفرز جزء من الدماغ يسمي تحت المهاد هرمونا يسمي المضاد لادرار البول أو القابض للاوعية الدموية، وبالتالي تزداد النسبة المتراكمة من الماء في الجسم، أما ما قيل عن الكمية القاتلة من الماء فان بعضهم اشار الى كونها شرب 5 ليترات أو أكثر في ساعة واحدة ولكن النسبة لم تحدد بدقة بعد حيث تختلف طبائع الاجسام وحالتها المائية.

وباختصار :-

اشرب الماء واحرص على ذلك لكن بعقل وحكمة، فلا تأخذ كلام الطبيب منقوصا فتشرب الليترات التى نصحك بها مرة واحدة ولكن اجعلها علي فترات متباعدة فتسلم

وفي النهاية بسم الله الحكيم العليم "وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين".