حين بدأت أخطو خطواتي الأولى كمستقلة، كنت أترقّب كل تقييم يصلني وكأنه حكم نهائي على قدراتي. الكلمة الطيبة كانت ترفعني لأيام، والملاحظة السلبية كانت تُربكني، حتى لو قيلت بنية التحسين. مع الوقت، أدركت أن التقييم ليس دائمًا عني كشخص، بل عن جزء من العمل يُمكن تطويره. تعلّمت أن أستمع دون أن أهتز، وأن أُصغي دون أن أنهار، وأن أُميّز بين النقد البنّاء وبين ما لا يستحق الوقوف عنده. هذه المساحة الرمادية بين القبول والرفض أصبحت عندي مساحة نضج، لا هزيمة. فكيف تتعاملون مع تقييمات العمل التي تلامس ثقتكم؟
كيف نغير نظرتنا للتقييم السلبي لتكون إيجابية؟
أي ملاحظة سلبية أو نقد بناء تستحق أن نتوقف عندها ونتأملها، من المهم أن يؤكد المستقل لذاته أن هذه الملاحظة على عمله بمعنى ألا يؤثر هذا النقد على صورتي الذهنية لنفسها، هذه الملاحظات نحاول العمل عليها في المستقبل لتطوير أعمالنا.
مثلاً نفذت مشروع لعميل ولاحظت أن تقيمه تقريباً 4 نجوم، غضبت لأني شعرت أني نفذت عملي على أكمل وجه، بصراحة لم أناقشه، وعاد ليجدد معي العمل، حاولت أن أصغي بشكل أفضل لتعليماته وتوجيهاته، لتطوير عملي وبالفعل في هذه المرة حصلت على نجومي الخمس.
صحيح حصل معي أمر مشابه في بداياتي، كنت أظن أني قدمت أفضل ما لدي، ثم أتفاجأ بتقييم أقل مما توقعت. كنت أعتبر الأمر تقصيراً مني، لكنني أدركت لاحقاً أن التقييم أحياناً يعكس فجوة في التواصل أو اختلاف في التوقعات. لذلك أصبحت أركز أكثر على الاستفسار عن التفاصيل وتوضيح كل شيء من البداية، حتى يكون العمل أقرب لما يتصوره العميل. هذا لم يساعدني فقط على تحسين التقييمات، بل على بناء علاقة أوضح وأكثر استقراراً مع العملاء.
التقييم السلبي نوعا ما يترك اثر خاصه لو سيكون على حسابك بمنصات العمل ، ورغم أني لم أحصل عليه ، لكن برأيي يجب النظر للأمر كطريقة للتطوير والتعلم، خاصة لو صاحب المشروع شخص منصف يمكنني معرفة نقاط الضعف وتقويتها من خلال التواصل معه إن لم تكن واضحة ووضع خطة تطوير مناسبة لذلك بحيث لا نكرر ذلك مره اخرى
أتفق معك في أن أثر التقييم السلبي في منصات العمل لا يكون بسيطاً، خصوصاً حين يرتبط بالسمعة والتصنيف. لكن ما لاحظته خلال تجربتي أن الأثر الحقيقي لا يكون في التقييم نفسه، بل في طريقة تعاملنا معه داخلياً. أحياناً ننشغل بمحاولة تعديل الصورة أمام الآخرين، بينما التحدي الأكبر هو استعادة ثقتنا بأنفسنا بعد كل ملاحظة تهزّها. لذلك أصبحت أركّز على بناء ثقة مستقرة لا تتأثر بتقييم أو تعليق، بل تنمو مع كل تجربة، سواء كانت ناجحة أو تحمل نقداً.
النقد البناء قد يكون فرصة لإعادة النظر في عملك وطريقته وجودته وأسلوبك مع العميل والعديد من الأشياء الأخرى التي قد ندرك فعلًا أننا قصرنا فيها أو لدينا موطن ضعف في نقطة معينة فننتبه ونحاول التحسين والتطوير من أنفسنا للأفضل.
لكن المشكلة عندما تشعر أنك قد قدمت كل المطلوب وتحصل على تقييم أقل مما تستحق، خاصةً عندما يكون التقييم على منصات للعمل الحر لأن هذا يؤثر على التقييم العام للشخص، وبالتالي قد يؤثر على فرص العمل فيما بعد.
لكن حتى لو حدث هذا فلا يجب أن ندع الأمر يؤثر علينا كثيرًا ونحاول بجهد أكبر المرة القادمة.
أتفهم تماماً ما ذكرتِه، ومررت بتلك اللحظة التي يُخيّل إليكِ فيها أنك قدّمت كل ما يمكنك، ثم يأتي التقييم مخيّباً للتوقع. ما ساعدني شخصياً على تجاوز هذا الشعور هو أنني بدأت أضع بيني وبين التقييم مسافة داخلية، فلا أسمح له أن يقترب من ثقتي بنفسي، حتى وإن تأثرت فرص العمل لفترة مؤقتة. أصبحت أركّز على بناء سجلّ طويل من الجودة والتجارب الناجحة، لأن تجربة واحدة أو تقييم واحد لا يمكنه أن يلغي ما سبق أو يُقصي ما هو قادم.
التعليقات