الحاجة الدائمة لإثبات النفس كمستقل

في الأوقات التي يقل العمل فيها بالنسبة لي أستغلها جدا في تطوير مهاراتي كأخذ دورات تدريبية وكورسات أو العمل على تطوير نفسي والحصول على متسع مع الوقت لممارسة أنشطة أخرى. أما لإثبات نفسي كمستقل أسعى دائما في عملي أن أخرج أفضل ما أستطيع فعله في هذا العمل وأحرص على تسليمه بالموعد وتحديث صاحب المشروع بالتطورات خاصة لو كان أول مرة يتعامل معي فيها ليطمئن.

بطبيعة الحال، حينما يتعلق الأمر بالعمل الحر، فكمستقلين إن لم نقدم أفضل ما عندنا في المشاريع التي نتقدّم لها فسنواجه إما إلغاء للمشروع أو تقييما سلبيا نحن في غنى عنه، وقد يؤثر على إنتاجيتنا وعلى قبول عروضنا في المستقبل من قبل عملاء آخرين محتملين، لهذا لا بدّ أن ننتبه لهذا الأمر، لكني ضد أن نجعلها حربا بين المستقلين وكأننا نتنافس على جائزة عالمية، كمستقل لست بحاجة لأفكر كثيرا في إثبات نفسي فعوضا من البقاء في التفكير العميق والزائد حول ذلك أحاول التركيز على العمل وحيدا وسط الساحة، أقوم بالاطلاع على تجارب المستقلين الآخرين فقط لغرض التغذية البصرية والتغذية الراجعة لتطوير نفسي لكني لا أجعلها منافسة من الأفضل!

مشروعا بعد مشروع، أقوم دوما بتقييم أعمالي ومشاريعي، وهذا يدخل ضمن الحاجة لإثبات النفس كمستقل في نظري، فتلك التقييمات تساهم في تصحيح الأخطاء التي من الممكن أن أكون قد وقعت فيها من قبل، بتصحيحها يمكنني الارتقاء نحو مستوى جديد من العمل، هذا بالنسبة للعمل ضمن مشاريع مختلفة مع عملاء مختلفين، وأهم ميزة في العمل الحر هي البحث عن عملاء دائمين يمكنهم الوثوق في خدماتك وطلبها والتجديد معك فحتى أصحاب المشاريع يجدون اليوم صعوبة كبيرة في إيجاد مستقلين أكفاء ويعملون بجد وفاهمين لمتطلبات المشروع.

أعتقد انه يجب عليه تحديد أهداف واضحة ومحددة وقابلة للقياس لكل مشروع يعمل عليه، والتركيز على النتائج المرجوة وليس على رأي العميل فقط، و أيضا طلب الردود الإيجابية من العملاء السابقين أو الزملاء الذين عمل معهم، واستخدامها كمصدر للتحفيز والتشجيع.

و لتحقيق الغايتين معا أرى انه يجب التعلم المستمر والبحث عن فرص لتطوير المهارات والخبرات في مجال العمل.

، لكنه أيضًا يمثل جهد نفسي دائم خصوصًا في الأوقات التي يقل فيها العمل وتبدأ عقولنا في الذهاب إلى أسباب تعيب في قدراتنا وخبرتنا وما إلى ذلك

أتفهم كثيرًا هذه النقطة تحديدًا وبالنسبة لي هي التحدي الأصعب أيضًا، أعتقد أن الأمر نابع من كوننا نربط بين نجاحاتنا في العمل وقيمتنا الشخصية والشعور بالثقة في النفس، فنجد أنه في حالة عدم توفر عمل في الوقت الحالي، يركز عقلنا فقط على أننا لسنا ناجحين كفاية أو أننا يجب أن نبذل مجهود مضاعف للوصول لمرحلة الخبرة التي تجعل العمل متجدد ومستمر، ولكن صديقي الأمر غالبًا يحتاج منا تقبل أن مراحل الإحباط أو بذل مجهود كبير دون نتيجة مستمرة طوال الوقت، هي فقط عوامل طبيعية تصاحب أي شخص في مجال العمل الحر بل أيضًا العمل الوظيفي. في وجهة نظري أنت لست في حاجة دائمة لإثبات نفسك، لكن ربما تطويرها باستمرار هذا ما سيجعلك تشعر بالإنجاز والنجاح لفترات أطول حتى مع عدم وجود عمل حالي.

أرى أن هناك نوعان من البشر بهذا الخصوص؛ الأول يرى أي تحدٍ فرصة لإثبات كفاءته وقدراته أمام نفسه أولاً وأمام الآخرين وعلى ذلك فهو محب بطبعه لأي عمل جديد يفتح له آفاق من المعرفة أما الصنف الآخر فهو يشعر بالقلق من أي تحدٍ ويحاول التملص والتهرب منه وربما يمتلك الكفاءات لكنه بطبعه يميل إلى الراحة والاستسلام.

لذلك لكي تحقق التوازن الذي تسأل عنه بين الرغبة بالنجاع والحاجة لإثبات النفس كمستقل فالأمر برأيي يحتاج قبل كل شيء إلى زيادة الخبرات والمعارف واستثمار الوقت وتنظيمه جيدًا للوصول إلى الكفاءات والخبرات اللازمة وبعدها يصبح كل شيء متاح بإذن الله.

أعتقد أنّ النّجاح وإثبات الذّات هما وجهان لعملة واحدة. فعندما ننجح نحن نقوم بإثباب ذاتنا. ولذلك فأنا أنفق جل أوقات عملي وراء السعي من أجل إنجاز أعمال أرضي فيه معاييري ونفسي قبل إرضاء العميل الذي أتعامل معه. هي ليست مهمّة سهلة إذ أنّها تتطلب الكثير من الجهود خاصّةً أنّنا نعيش في عصر المنافسة وفي وزمن الأزمات التي زادت من عرض المستقلّين. وفي الأوقات التي يقل فيها العمل فإنّني أستغل الوقت المتاح من أجل تطوير مهاراتي بالشكل الصحيح عير متابعة دورات وندوات أو عبر قراءة كتب تنمية بشريّة. وحمدًا لله ففي هذه الفترات فإنّني دائمًا ما أخرج بقيمةٍ مضافة أضيفها إلى جودة أعمالي.

الرغبة بالنجاح موجودة عند كل البشر ولكن السؤال هل عندك السعي الكافي للنجاح؟ هل مستعد لتقديم التضحيات هنا مربط الفرس.

لو تخيلت الموضوع أشبه بكيكة عيد ميلادك، رن هاتفك وطلب صديقك النزول له الآن وأنت تعلم إن غادرت الآن فلن يتبقى لك شىء منها، هل ستضحى بالكيكة من أجل صديقك؟ هكذا الحياة تضحى بشىء لتفوز بشىء آخر.

إثبات النفس كمستقل هو في الأصل نجاح ويمكن تحقيق التوازن في السعي، السعي لأن تكون مختلفاً ومميزاً عن غيرك، السعي لأن تثبت كفائتك وتتفهم أن ليس كل شىء مثالياً وأن العمل سيكون تارة رائعاً وتارة مثيراً للإشمئزاز

مايمكنك فعله هو أخذ كل الأعمال الغير مريحة بالنسبة لك وإعادة تطويرها والعمل عليها لتصبح أفضل

هذا سيزيد من تركيزك وسيعمل على تطوير قدراتك

حتى تصل للمستوى المطلوب.