حينما اسمعُ هذه الجملة، أهربُ بسرعة، كفراري من نمر تفرَّس ملامحي واستعدَّ للانقضاض. 

الأمر يُؤشِّر عندي عدِّة إشارات حمراء تجعلني أفكِّر مرتين قبل تقديم العرض: 

العميل يُريد الحجم! 

وكأنَّه شاعر قديم يمدح الأكفال المُرتجَّة والخصور المُمتلئة! الحجم أمر يستطيع أن ينافسني فيه الكثير من الناس، هناك من يستطيع كتابة عشر مقالات مقابل 10$، آسف، لا أعيش في كينيا ولستُ أعمل تحت فلَّاح اقطاعي بالسخرة! إن كنتَ تريد مقالًا عاليًا، فحجم العمل لا يجب أن يكون هدفك! 

يُريد سعرًا منخفضًا

هذا حقَّه بالتأكيد، كل واحد منِّا يُريد سعرًا منخفضًا لخدمات يشتريها، لكن هناك خدمات لها سعر مُتعارف عليه نسبيًا. العميل أمَّا يجهل هذه الأسعار (وهذا يوُحي باحتمالية أكبر لأن لا يرضى عن السعر عندما يراه) وإمّا يعرف هذه الأسعار ويحاول أن يتخيَّر الأقل من بين المتقدِّمين (إشارة منفِّرة بالنسبة لي على الأقل) 

لا يغزوني الشغف

واحدة من أجمل المشاعر التي تنتابك حين تقدِّم العرض هو الترقُّب والشغف، احتمالية أن يكون هذا المشروع مُمتعًا تستطيع أن تفرِّغ فيه امكانياتك ومواهبك، لكن حينما يكون على بالي أنَّ العميل يهمّه "الحجم مقابل العرض" سيقل هذا الحماس، لا أشعر أنَّه سيأبه بمهاراتي، وحينما أفكِّر أنِّي سأدخل في تصنيف وترتيب لا أجيده، وهو تصنيف الحجم والكمّية والسعر المنخفض، حينها لا يبقى من حماسي إلّا القليل!

ها إنَّ ذي عِذرة

كما قلت، من حق العميل أن يُصنِّف المشاريع حسب الرخص والكميِّة والحجم، هو أمر مشروع. ربما لو كنتُ محلَّه لفعلتُ المثل. لكنِّي سأكون واضحًا في شرح مواصفات المشروع أولًا (الكثير من المشاريع تكتفي بجملة اذكر الحجم) وثانيًا سأوضِّح طريقة تصنيف المتقدِّمين، سأفسح مجالًا للشغوفين للعمل معي، وأبيِّن أنَّ هذا الميزان يُعادل في أهميته "حجم العمل" مقابل القيمة.