يضج الشارع الفرنسي اليوم بآلاف العمال الرافضين لقرار الحكومة الأخير القاضي برفع سن التقاعد من 62 الى 64. في خلفيات هذا القرار فإن الحكومة تريد تأمين فرص عمل إضافية لمن يتخطون الستون عاما وهو أمر يساهم حتما في خفض معدلات البطالة. فبحسب الإحصاءات العالمية تعتبر فرنسا من أعلى الدولة بطالة للفئة العمرية التي تتعدى الستون عاما.

إلا أن سؤالا يطرح نفسه: " هل لمكافحة البطالة أن تكون على حساب الجانب الإجتماعي لحياة العاملين"؟

في مفترض المشكلة فإن التقشف في التقديمات الإجتماعية يقدم مجالا أكبر لنمو الإقتصاديات خاصة عندما يهدف إلى زيادة معدلات التوظيف. إلا أن ذلك يطرح مشكلة أخرى تكمن في التقليل من الجانب الإجتماعي والإنساني عن طريق نسف جزء من حق العامل الذي كد وجاهد لسنين طوال.

وهنا تظهر معضلة أخرى دائما ما أشعلت فتيل الحروب وأججت النفوس وهي : كيف يمكن تحقيق التوافق بين الإقتصاد الربحي وبين صون الحق الإجتماعي للعامل؟

إلى الآن لا يوجد نموذج عالمي يوفق بين الهدفين إذ أن تفعيل النظام الإجتماعي يعني إنتفاء تعظيم الأرباح وهو ما لا يناسب الإقتصاد الريعي الذي يعتبر الكل في خدمة الإقتصاد.

وأما بحسب الدولة الإجتماعية فإن الفرد هو على رأس الهرم وهو الهدف لجميع النشاطات الإقتصادية.

الأخطر في الأمر أن العالم اليوم على مشارف أزمة إقتصادية جديدة وهو ما يزيد إحتمال إتساع دائرة التقشف الإجتماعي حتى تطال أبرز حقوق العامل في معظم الدول. فهل علاج كافة الآفات الإقتصادية يكون دائما باللجوء إلى تقليص حق العامل من التقديمات الإجتماعية؟

كثيرة هي الأسئلة التي تطرح نفسها في هذا المجال ومعظمها لا تمتلك الإجابات الكافية.

والآن وبرأيكم, كيف يمكن بناء نموذج يعمل على تحقيق التوافق بين المنفعة الاقتصادية والمنفعة الإجتماعية؟