كان يوماً مفصلياً قد رسم ملامح الحياة بعده .. لكل واحد منا يوم كهذا اليوم .. يوم لا كالأيام .. لحظات أدركنا جميعاً فيها أن الحياة لن تعود كما كانت في سابق عهدها .. ربما المجهول كان سيد الموقف ورحلة طويلة تبدأ هي أقوى وأكبر من أن ندركها أو أن نحيط بها علماً

إنه اليوم الذي يحكيه كل سوري ترك معه بيته ووطنه .. ترك معه كما يقول (قلبه) ليعيش بلا قلب في أرض أخرى لم تطأها قدمه سابقاً أو أنها وطأتها عندما أتاها سائحاً لا نازحاً أو مهاجراً

قصص هذا اليوم كثيرة .. شجية .. حزينة .. تعتصرها زفرات الألم و تغص بها العبرات ..

تبدأ من نقطة النهاية إلى اللانهاية .. صورها لا تمحى من الذاكرة ، تلك الذاكرة التي صارت ألبوم صور يطالعه السوري بشكل يومي ويتجرع كأس الحنين معها كل مرة

أصبح عندي الآن ... خيمة !

منذ زمن بعيد كتب نزار "أصبح عندي الآن بندقية " لحنها عبد الوهاب وغنتها أم كلثوم .. كنا نرددها و نترنم بشجاها ..

إلى فلسطين خذوني معكم

إلى ربىً حزينة

كوجه المجدلية

إلى القباب الخضر

والحجارة النبيَّة

عشرون عاماً وأنا أبحث عن أرضٍ وعن هوية

أبحث عن بيتي الذي هناك

عن وطني المحاط بالأسلاك

أبحث عن طفولتي

وعن رفاق حارتي

عن كتبي

عن صوري

عن كل ركن دافئٍ

وكل مزهرية

إلى فلسطين خذوني معكم يا أيها الرجال

ما أشبه اليوم بالأمس ..

أطل من خيمتي و أردد ..أصبح عندي الآن .. خيمة !

إلى فلسطين خذوني معكم .. مهلاً إلى الشام خذوني أيها الرجال..

و انثروا دمعاتي النديّة ..

إلى الأموي .. إلى سوق الحميدية و القيمرية ..

عشراً عشرون ثلاثون ..!

لا أذكر منذ متى ولدت و سكنت و عانقت قاسيون و الياسمينة ..

أبحث عن بيتي ..

عن مهدي ..

عن تلك الليالي الشتوية ..

أبحث عن .. لم يعد يهم .. أطلّ من خيمتي .. وسوريتي الأليمة ..!