في البداية.. أقصد بداية إصابتي باضطراب ثنائي القطب..

قمت بالغوص فيه.. لدرجة الإيمان والإصغاء لكل ما كان يقوله لي...

كان يخبرني عن أشياء عظيمة سأكون عليها.. وأنا صدقت.. لأنني حملت الإنكار الكافي الذي يجعلني أراه حقيقة من دون وعي..

ولأنه ببساطة... سكن قلبي وعقلي..

استمرت هذه البداية لثمان سنوات.. عشت أفضل أيام حياتي.. لأنني أنجزت الكثير بسبب ما زرعه داخلي من عظمة..

وبطريقة ما صدقت أن هذه العظمة.. ستتحول لواقع..

في المقابل.. كنت أتآكل من الداخل إلى رماد.. لأنني عشت على وهم..

هذا الوهم كان يصيح أنه كذلك.. في كل مرة أصرخ فيها بنوبة ذهان هوسية..

لكن.. لم أكن اصغي..

الآن.. استبصرت بالمرض بطريقة اجهلها.. وقد مرت ست سنوات على ذلك..

ولازلت لا أدرك كيف حدث هذا..

أحيانا أفسر الأمر إلى قلبي.. وأقول "قلبي رأى الحقيقة قبل عقلي.."

واحيانا أقول "عقلي من شكك أولا.. فعل ذلك بوعي مجهول.. وعي مجهول جاء على شكل معجزة من الله"..

الاستبصار جاء بصدمة كوني مجرد مجنونة لسنوات.. فظهر الرماد وغابت العظمة وغاب معها الإنجاز..

فتحولت لشخص آخر.. لا أعرفه.. 

شخص آخر محطم ومنهار خارج تعريف المرض..

فأنا...

لم أستطع أن أرى إنجازاتي.. التي كانت في فترة المرض.. تحت تصنيف شخصية مجنونة..

ولم أستطع تقدير نفسي التي قاومت... لأنني أريدها أن تتمتع بصحة جيدة تحت غطاء المثالية..

ولم أستطع أن اخطو خطوة واحدة للأمام... فأنا أجبرت نفسي على التشتت.. لأنني لم أدرك ما يمثلني..

المرض قدم تعريفا لي.. وبرِهان تحقق جنون العظمة والذهان.. كنت مجرد مجنونة تركض.. خلف معتقدات شكلت هويتي لسنوات وفي سنوات حساسة..

سنوات المراهقة والشباب..

المشكلة أن المرض.. ضرب فأسه داخل جذور هويتي الأصلية..

ثم.. قام بتشويه كل شيء...

والآن.. لا أدري.. اين انا.. وأين المرض.. أين هويتي.. وأين التشوهات..

لا أدري ماذا سأفعل أو ماذا فعلت..

أو.. كيف اقوم بتصفية ذهني...

أو كيف أعيد تعريف نفسي..

وما هو تعريف الحياة بشكل عام حتى..

بغض النظر عن كل هذا.. أنا.. لا اهدف للكثير.. حتى وإن حلمت بشيء كثير..

أنا فقط.. أريد الوصول لحقيقة تجعلني أفوز بالآخرة.. أريد الاطمئنان والثقة في الله..

أريد الارتباط بعلاقة قوية مع الله سبحانه وتعالى..

أريد التمسك به عز وجل.. من غير لحظة شك تراودني إلى انهيار..

ولأخدم الآخرة.. انا.. أريد أن أحظى بحياة بسيطة..

حياة.. تشعرني بالارتياح والرضى...

حياة.. لا اركض فيها.. كالمجنونة..

اركض فيها.. خلف احلام لن تكون...

احلام.. جاءت من جنون المرض... والتيه..

لا أريد الإيمان بأشياء عشوائية.. سمعتها.. رأيتها... ولم اتركها تمر.. على حقيقتها..

أريد حياة بسيطة.. لكنني.. لا أدرك.. كيف اترجمها لواقع اعيشه..