لم أتخيل أن محادثة عابرة على مجموعة دراسية ستترك في داخلي هذا القدر من الأسئلة والندم.

في العام الجامعي الأول، تحدثت مع فتاة عبر إحدى مجموعات "الواتساب" الخاصة بالدراسة.

وبعد عدة أيام، قابلتها وجهًا لوجه في إحدى المحاضرات،

كانت فاتنة، عيونها واسعة، ضحكتها مميزة وتظهر اسنانها البيضاء، محجبة بالكامل، ترتدي بلوزة رمادية وفوقها جاكيت باللون الأخضر الداكن.

لكنها كانت نادرًا ما تحضر. فاستمرت محادثاتنا على "الشات".

تدريجيًا، انتقل حديثنا من أمور المحاضرات إلى مواضيع شخصية. بدأ شيء من الانجذاب يتشكل بيننا، وأصبحنا نتحدث لساعات طويلة يوميًا.

أعتقد أنها شعرت وكأنها وجدت أخيرًا ملجأ تتحدث فيه بحرية فكانت تشاركني الكثير من تفاصيل حياتها.

حتى جاء يوم وأخبرتني بأنها مخطوبة، وعلى وشك الزواج في إجازة الصيف.

قالت إن خطيبها هو ابن عمتها. وأضافت أنه يحبها، لكنه عصبي جدًا، يدخن كثيرًا، ويقوم أحيانًا بسبها وسب صديقاتها حين يغضب.

لكنه لا يقصد، بالتأكيد! هكذا كانت تقول.

أخبرتني أنه يريد منعها من استكمال تعليمها بعد الزواج،

لأنه لا يرى فائدة لتعليم الفتيات، وسيحظر عليها استخدام وسائل التواصل الاجتماعي

سألتها: لماذا تقبلين بهذا؟

أرسلت لي صورة لقدمها تُظهر آثار حرق واضحة بسبب مكواة. ما زلت أذكر القشعريرة التي سرت في جسدي حين رأيتها.

وقالت: هذا كان عقابًا من والدتي في مرة لذلك، لا أستطيع رفض الزواج.

كانت تبرر عصبيته بأنه نشأ في بيت مضطرب. والده كان يضرب والدته ويسبها أمامه، لكنه – كما تقول – مختلف ويحبها.

ربما كانت تحاول إقناع نفسها بذلك، كي لا تشعر بأنها ضحية.

حاولت مرارًا أن أشرح لها أن هذا ليس حبًا، وأنه على الأغلب سيضربها يومًا ما. لكن لا فائدة.

بعد ذلك، قل حديثنا. لم أكن أرى من المروءة أن أستمر في الحديث مع فتاة على وشك الزواج.

قبل امتحانات نهاية العام، نشرت حالة على "الواتساب" تقول فيها إن كتب كتابها سيكون خلال أيام.

أرسلت أبارك لها، وكررت نصيحتي: فكري مرة أخرى.

لكنها أعادت نفس الرد: هو يحبني ولن أستطيع فعل أي شيء على أي حال.

كانت هذه آخر مرة أتحدث معها. وبعدها بفترة قصيرة، اختفى حسابها من "الواتساب"، ولم أرها مجددًا في الجامعة.

كنت قد عرفت اسمها من قائمة الطلاب في التدريب الميداني خلال العام الأول،

لكن حين بحثت عنه في الأعوام التالية حتى عام التخرج، لم أجد له أثرًا.

وما زلت حتى اليوم أتساءل.

هل كان يمكنني فعل شيء مختلف؟

هل كنت أستطيع فعل شئ مختلف لمساعدتك يا مي؟