كان بيضحك بأعلى صوته في كل قعدة… الناس بتحبه، يقال عليه "دمه زي العسل"، بس اللي كانوا بيرجعوا معاه في نفس الأسانسير، كانوا دايمًا شايفينه ساكت.

مش ساكت بس… السكون اللي بيخوف.

الضحك الزايد مش دايمًا خفة دم. أوقات كتير، بيبقى قناع.

في علم النفس، بيسمّوه "الاكتئاب المُبتسم" (Smiling Depression) — الحالة اللي الشخص بيقوم فيها بكل مهامه، يضحك، يساعد غيره، لكنه من جواه منهار… بس انهيار راقٍ، مرتب، لابس كويس، وبيعتذر لو وجعك.

الدراسات الحديثة اللي اتنشرت في Journal of Affective Disorders بتوضح إن الأشخاص اللي بيعانوا من النوع ده من الاكتئاب غالبًا بيكونوا الأكثر عرضة للانتحار.

مش لأنهم أضعف، لكن لأن محدش بيصدق إنهم موجوعين.

بيخافوا يقولوا "أنا تعبان"، عشان عندهم دور اجتماعي حافظينه كويس.

ناس بتتكل عليهم. ناس بتحب ضحكتهم.

فهم اختاروا – أو اضطُروا – يشيلوا حزنهم في علبة ويمشوا بيه.

زي روبين ويليامز، الكوميديان اللي خلّى العالم يضحك، لكن نفسه ما عرفش يخلّصها من الحزن.

قال مرة:

"أكتر الناس اللي بتضحك هي أكتر ناس موجوعة… عشان ما يخلوش حد تاني يحس بنفس الوجع."

في التفسير النفسي، ده مرتبط بحاجة اسمها "الإزاحة الانفعالية".

المشاعر المؤلمة اللي مش قادر تواجها… بتحولها لسلوك مختلف.

تضحك بدل ما تعيط، تهزر بدل ما تتكلم عن وجعك.

ودي استراتيجية نجاة… لكنها بتهدّ البني آدم من جوه على البطيء.

الناس دي ما بتطلبش مساعدة… لأنهم نفسهم مش مصدقين إنهم محتاجينها.

كل اللي عاوزينه غالبًا، إن حد يلحظهم لما يسكتوا…

إن حد يفهم إن الضحك أوقات، بيكون صوت الخوف، مش صوت الفرح.